السورة التي يذكر فيها الأعلى جلّ وعلا
قوله تعالى : (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) [١] قال : هو تنزيهه عن الأضداد والأنداد في الظاهر ، وفي الباطن مشاهدته بالذكر في الصلاة دون مشاهدة غيره.
قوله تعالى : (قَدَّرَ فَهَدى) [٣] قال : قدر عليهم الشقاوة والسعادة ، ثم تولى أهل السعادة ، ووكل أهل الشقاوة إلى أنفسهم ، قال : والهدى هدايان : أحدهما البيان ، والآخر التولي من الله تعالى ، ألا ترون كيف يهتدي إلى سبب معاشه إلى ثدي أمه لتولي الله إياه وإلهامه إياه.
قوله تعالى : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى) [١٤] قال : أي فاز وسعد من اتقى الله في السر والعلانية.
قوله تعالى : (بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا) [١٦] قال : ما ينبغي للمؤمن أن يكون في الدنيا إلا كمثل رجل ركب خشبة في البحر ، وهو يقول : يا رب يا رب ، لعل أن ينجيه منها ، وما من عبد مؤمن زهد في الدنيا إلا وكّل الله به ملكا حكيما يغرس في قلبه أنواع الحكم ، كما يغرس أهل الدنيا في بساتينهم من طرف الأشجار ، والله سبحانه وتعالى أعلم.
السورة التي يذكر فيها الغاشية
قوله تعالى : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ) [٢] أي ذليلة ، لأن الله تعالى أمرها أن تخشع وتذل وتفتقر إليه في الدنيا ، فلم تفعل ، فأذلها في الآخرة بالذلة الباقية.
قوله تعالى : (عامِلَةٌ ناصِبَةٌ) [٣] أي عاملة في الدنيا بأنواع البدع والضلالات ، ناصبة في الآخرة بالعذاب في الدركات. (تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ) [٥] أي من عين صديد قد تناهى حرها كما قال : «حميم» أي قد بلغ في الحر منتهاه.
قوله تعالى : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ) [٨] أي نعمة وكرامة. (لِسَعْيِها راضِيَةٌ) [٩] في الآخرة.
قوله تعالى : (فِيها عَيْنٌ جارِيَةٌ) [١٢] أي مطردة في عين أخدود. (فِيها سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ) [١٣] يعني الفرش مرفوعة ، على كل سرير سبعون فراشا ، كل فراش في ارتفاع غرفة من غرف الدنيا. قال سهل : ذكر الله تعالى هذه النعم ليرغبهم فيها ، ويحذرهم عقوبته على قدر سلطانه ، وكرامته على قدر عظيم شأنه وسلطانه ، فلم ينجع ذلك في قلوب كفار مكة فذكر قدرته كي يعتبروا ، فقال تعالى : (أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ) [١٧] وهو في الباطن أمر للمؤمنين بالتذلل والافتقار إليه ، فقال : انظروا إلى الإبل كيف خلقت ، مع خلقتها وقوتها كيف تنقاد لصبي يقودها فلا يكون لها تحير ولا لها دونها اختيار ، فلا تعجز أن تكون لربك كالإبل لصاحبها ، ولهذا قال الرسول صلىاللهعليهوسلم : «كن لربك كالجمل الأنف» (١) ، يعني المطاوع ، والله سبحانه وتعالى أعلم.
__________________
(١) في المستدرك على الصحيحين ١ / ١٣٠ : (إن المؤمن كالجمل الأنف ، حيثما انقيد انقاد).