السورة التي يذكر فيها الدخان
قوله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ) [٣] قال : أنزل الله ليلة القدر القرآن جملة إلى بيت العزة في سماء الدنيا من اللوح المحفوظ على أيدي الملائكة السفرة ، وأنزل على روح محمد صلىاللهعليهوسلم وهو الروح المبارك ، فسماها ليلة القدر مباركة لاتصال البركات بعضها ببعض.
قوله تعالى : (يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ) [١٠] قال : الدخان في الدنيا قسوة القلب والغفلة عن الذكر ، ولا عقوبة أعظم في الدنيا من فساد القلب. وقد حكي عن أويس القرني (١) وهرم بن حيان (٢) أنهما التقيا يوما ، فقال هرم لأويس : ادع الله. فقال : يصلح لك نيتك وقلبك (٣) فلن تعالج شيئا أشد منهما ، بينما قلبك مقبل إذ هو مدبر ، وبينما هو مدبر إذ هو مقبل ، ولا تنظر إلى صغير الخطيئة ، وانظر إلى عظمة من عصيت ، فإنك إن عظمتها فقد عظمت الله تعالى ، وإن صغرتها فقد صغرت الله تعالى.
قوله تعالى : (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ) [٨] قال : لا إله على الحقيقة إلا من يقدر على الإيجاد من العدم ، وعلى العدم من الإيجاد.
قوله : (وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً) [٢٤] طريقا ساكنا ، وباطنها : اجعل القلب ساكنا إلى تدبيري (إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ) [٢٤] يعني المخالفين عن توالي تدبير أنفسهم.
قوله : (إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللهُ) [٤٢] أي من علم الله في سابق علمه أنه مرحوم ، أدركته في العاقبة بركة تلك الرحمة ، حيث جعل المؤمنين بعضهم شفعاء بعض.
__________________
(١) أويس القرني : أويس بن عامر بن جزء بن مالك (... ـ ٣٧ ه) : أحد النساك العباد المقدمين ، من سادات التابعين. أدرك حياة النبي ولم يره. شهد صفين مع علي. (الحلية ٢ / ٧٩).
(٢) هرم بن حيان العبدي الأزدي (... ـ بعد ٢٦ ه) : قائد فاتح ، من كبار النساك. من التابعين. (الأعلام ٨ / ٨٢).
(٣) في صفوة الصفوة ٣ / ٥٥ : (قال هرم لأويس : أوصني. قال : توسد الموت إذا تمت ، واجعله نصب عينيك ، وإذا قمت فادع الله أن يصلح لك قلبك ونيتك ...).