السورة التي يذكر فيها القمر
قوله تعالى : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) [١] على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم فلقتين ، حتى ذهبت فلقة وراء جبل حراء ، وهي أول علامة من علامات الساعة. وحكي عن أبي عبد الرحمن السلمي (١) قال : كنت مع أبي بالمدائن ، وكانت الجمعة ، فذهب بي إلى الجمعة وهو آخذ بيدي ، فقام حذيفة بن اليمان على المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) [١] ، ألا وإن الساعة قد اقتربت ، وإن القمر قد انشق ، ألا وإن الدنيا قد أدبرت ، ألا وإن المضمار اليوم ، والسباق غدا. فلما خرجنا قلت : يا أبت ، غدا يستبق الناس. قال : يا بني السباق غدا. [فقلت لأبي : أيستبق الناس غدا؟ قال : يا بني] (٢) إنك لجاهل ، إنّما يقول من عمل اليوم سبق في الآخرة (٣).
قوله تعالى : (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) [١٧ ، ٣٢ ، ٣٩] أي هوّنا القرآن للذكر ، ولو لا ذلك لما أطاقت الألسنة أن تتكلم به ، فهل من مدكر لهذه النعمة.
قوله تعالى : (وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ) [٥٢] قال : يعني في الكتب التي تكتبها الحفظة.
(وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ) [٥٣] أي مكتوب في الكتاب ، فيعرض عليهم يوم القيامة بين يدي الله تعالى. وقد حكي عن أبي حازم (٤) أنه قال : ويحك يا أعرج ، ينادى يوم القيامة : يا أهل خطيئة كذا فتقوم معهم ، ثم ينادى : يا أهل خطيئة كذا فتقوم معهم ، وأراك يا أعرج تقوم مع أهل كل خطيئة (٥) ، والله سبحانه وتعالى أعلم.
__________________
(١) أبو عبد الرحمن السلمي : محمد بن الحسين بن محمد بن موسى الأزدي السلمي (٣٢٥ ـ ٤١٢ ه) : شيخ الصوفية وصاحب تاريخهم وطبقاتهم وتفسيرهم. بلغت تصانيفه مائة أو أكثر. (الأعلام ٦ / ٩٩).
(٢) ما بين القوسين إضافة من المستدرك على الصحيحين ٤ / ٦٥١ (رقم ٨٨٠٠).
(٣) المستدرك على الصحيحين ٤ / ٦٥١ (رقم ٨٨٠٠) ؛ ومصنف ابن أبي شيبة ٧ / ١٣٩ ؛ والحلية ١ / ٢٨١ ؛ وتاريخ بغداد ١ / ٢٠٢.
(٤) أبو حازم : سلمة بن دينار المخزومي ، ويقال له الأعرج (... ـ ١٤٠ ه) : عالم المدينة وقاضيها وشيخها.
فارسي الأصل. كان زاهدا عابدا. (الحلية ٣ / ٢٢٩).
(٥) الحلية ٣ / ٢٣٠ ـ ٢٣١ ؛ وصفوة الصفوة ٢ / ١٦٤.