ينفسخ ، ولهذا بقيت نساؤه معصومات مصونات من قربان الغير لهن ، فلا يحل لأحد من الناس أن يتزوج بواحدة منهن أبد الدهر لقوله تعالى : (وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً) [الاحزاب : ٥٣] وبقاء عقد النكاح وعدم انفساخه وحرمة تزوج غيره بواحدة من نسائه دليل حياته وعدم موته.
وأما الحجة الثالثة فهي ما رواه أنس رضي الله عنه في حديث الاسراء من أنهصلىاللهعليهوسلم مر بموسى ليلة أسرى به وهو قائم بقبره يصلي ، ولا شك أن الصلاة حركات وأقوال لا يعقل أن تحصل الا من حي ، ونسبتها الى الميت عين المحال.
وأما الحجة الرابعة فهي ما روى عنه صلىاللهعليهوسلم من قوله «ما من أحد يسلم عليّ الا رد الله عليّ روحي حتى أرد عليهالسلام» ولا شك أن رد السلام من شأن الأحياء لا من شأن الأموات.
وأما الحجة الخامسة فهي ما جاء به الحديث من أن الرسل عليهمالسلام أحياء في أجداثهم ، ومن أن أعمال أمته تعرض عليه في يومي الخميس والاثنين من كل جمعة. هذه جملة ما احتج به القبوريون على حياته صلىاللهعليهوسلم في قبره ، وقد تدرجوا من ذلك الى إثبات الحياة في القبر لغيره أيضا من الأولياء والصالحين ، وسيأتي الرد عليهم في الفصل الذي يلي هذا ، ولكننا نجمل الرد عليهم بأن حياة الشهداء ليست حياة في قبورهم ، ولكن عند الله عزوجل ، كما قال عند ربهم يرزقون وبأن بقاء عقد نكاحه عليهالسلام بأزواجه وحرمتهن على غيره لا يقتضي حياته بل هي خصوصية اختصه الله بها ، فان ازواجه أمهات المؤمنين ، أي كأمهاتهم في الحرمة ووجوب التوقير.
وأما حديث أنس فلم يصح رفعه ، بل هو موقوف ، ولو صحّ لم يقتض حياة موسى في قبره ، بل يحمل على التمثيل كما تحمل رؤيته له في السماء السادسة ومخاطبته له بقوله (فرض الله عليك وعلى أمتك؟ وقوله له : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف) الخ ، فإن ذلك كله من أمور الغيب التي نؤمن بها ولا نعلم