أم تعنون بالجسم ما تركب من جواهر فردة ، كما هو اصطلاح المتكلمين من المعتزلة والأشاعرة. أم تعنون به ما تركب من هيولى هي محل وصورة حالة فيها على ما هو اصطلاح الفلاسفة. أم تعنون به الجسم الذي يطلقه أهل العرف أم تعنون به الجسم في اللغة الذي هو الجسد والبدن. أم تعنون به الجسم الكلي الموجود في الأذهان والذي يقال له الجسم التعليمي.
فأي معنى من هذه المعاني التي يستعمل فيها لفظ الجسم هو الذي يلزم من إثبات علوه تعالى فوق عرشه؟ لا بد أن تعينوه لنا ، فإذا عينتموه ببيان صحيح لا لبس فيه ، فعليكم بعد هذا أن تأتوا ببرهانين اثنين : أحدهما برهان على لزوم هذا المعنى لثبوت علوه سبحانه على عرشه والثاني برهان على نفي اللازم ، فذانك برهانان لا يد لكم بهما حتى ولو بعث شيوخكم من قبورهم ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا ، ولو كان الإنس والجن لهم ظهيرا.
* * *
إن كنتم أنتم فحولا فابرزوا |
|
ودعوا الشكاوى حيلة النسوان |
وإذا اشتكيتم فاجعلوا الشكوى إل |
|
ى الوحيين لا القاضي ولا السلطان |
فنجيب بالتركيب حينئذ جوابا |
|
شافيا فيه هدى الحيران |
الحق إثبات الصفات ونفيها |
|
عين المحال وليس في الإمكان |
فالجسم إما لازم لثبوتها |
|
فهو الصواب وليس ذا بطلان |
أو ليس يلزم من ثبوت صفاته |
|
فشناعة الإلزام بالبهتان |
فالمنع في إحدى المقدمتين مع |
|
لوم البيان إذا بلا نكران |
المنع إما في اللزوم أو انتقا |
|
ء اللازم المنسوب للبطلان |
هذا هو الطاغوت قد أضحى كما |
|
أبصرتموه بمنة الرحمن |
الشرح : وإن كنتم كما تدعون فحولا في العلم والمعرفة وجهابذة في التحقيق فأبرزوا للمناجزة ، وحاولوا النقض لهذه الجوابات التي أجبنا بها على إلزامكم ، واتركوا البكاء والشكاية فإنها لا تليق إلا بالنساء الضعيفات ، وإذا كان لا بد