هذي زنادقة العباد جميعهم |
|
ومصنفاتهم بكل مكان |
ما فيهم أحد يقول الله فو |
|
ق العرش مستول على الأكوان |
ويقول إن الله جل جلاله |
|
متكلم بالوحي والقرآن |
ويقول إن الله كلم عبده |
|
موسى فأسمعه بذي الآذان |
ويقول إن النقل غير معارض |
|
للعقل بل أمران متفقان |
والنقل جاء بما يحار العقل في |
|
ه لا المحال البيّن البطلان |
فانظر إلى الجهمي كيف أتى إلى |
|
أس الهدى ومعاقل الإيمان |
بمعاول التعطيل يقطعها فما |
|
يبقى على التعطيل من إيمان |
يدري بهذا عارف بمآخذ ال |
|
أقوال مضطلع بهذا الشأن |
والله لو حدقتم لرأيتم |
|
هذا وأعظم منه رأي عيان |
لكن على تلك العيون غشاوة |
|
ما حيلة الكحال في العميان |
الشرح : وكما أن الإثبات للصفات هو أساس الهدى والإيمان ، فكذلك الجحد والتعطيل سبب لكل زندقة وإلحاد ، يشهد بذلك أهل المعرفة بأديان العباد فما ظهرت في الأرض زندقة إلا من هذا الوادي ، فهؤلاء زنادقة الأرض كلهم من فلاسفة وصوفية ، وقرامطة واتحادية وحلولية. ومصنفاتهم التي أودعوها مذاهبهم موجودة بكل مكان تنطق عليهم بالإلحاد والتعطيل ، والصد عن سواء السبيل ، فليس فيهم أبدا من يقول إن الله موجود فوق عرشه مستول على خلقه ولا من يقول إن الله متكلم بالوحي والقرآن كلاما حقيقيا مسموعا بالآذان ، ولا من يقول بما قاله القرآن إن الله كلم عبده موسى بن عمران ، ولا من يقول إن العقل والنقل لا يتعارضان ، بل هما دائما متفقان. بل كلهم يرى أن النقل قد ورد بما يحيله العقل ويحكم عليه بالبطلان.
فانظر يا أخا العقل إلى ما جناه هذا الجهمي المعطل ، وكيف أتى إلى أصول الهدى وحصون الإيمان فأعمل فيها معاول جحده وتعطيله حتى تداعت منها الأركان ولا يعرف هذا الا خبير بأقوال العباد ومآخذها ممن هو كلف بهذا الشأن. وأنتم أيها الضالون المفتونون لو أمعنتم النظر وصحت منكم العيون لرأيتم