مع الله كما قال تعالى : (وَقالَ اللهُ لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ) [النحل : ٥١] ولذلك لم نعبده مثل عبادتنا لله ، كما فعل النصارى في نبيهم عيسى عليهالسلام ، حيث جعلوه ابنا لله ، بل قال بعضهم أنه هو الله ، وكذلك لم نغل فيه كما غلا النصارى في عيسى وهو قد نهانا عن هذا الغلو خشية أن يفضي بنا إلى الكفر ، ففي الصحيح عنه عليهالسلام أنه قال : «لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم ، وإنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله».
وحاصل هذا الباب إن لله عزوجل حقا ولرسوله صلىاللهعليهوسلم حقا ، فأما حق الله فهو مختص به لا يجوز أن يشركه غيره فيه. وأما حق الرسول فهو ثابت له أيضا ، فلا يصح أن نخلط بين الحقين فنجعل ما هو مختص بأحدهما للآخر دون تفرقة أو تمييز ، فإن تلك هي الندية التي نهانا عنها الله ورسوله.
فأما حقوق الله التي لا تنبغي إلا له فمنها الحج ، وهو القصد إلى زيارة بيته الحرام لأداء المناسك المعروفة ، ومنها الصلاة ، فرضا كانت أو نفلا ، ومنها الذبح لقوله تعالى : (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ) [الأنعام : ١٦٢] والنسك هو الذبح ، ولقوله (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) [الكوثر : ٢] فكما أمره بالصلاة لربه أمره بالنحر له ، ومنها السجود وهو وضع الجبهة على الأرض على جهة الذل والخضوع لقوله عليهالسلام لمعاذ حين سجد له : «لو كنت آمرا أحد أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ، ولكن لا ينبغي السجود إلا لله».
ومنها النذر ، فإن النذر عبادة لا تنبغي إلا لله ، قال تعالى : (وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ) [الحج : ٢٩] ومدح الأبرار من عباده بأنهم (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ) [الإنسان : ٧] وقال : (وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللهَ يَعْلَمُهُ) [البقرة : ٢٧٠].
ومنها الحلف فإنه تعظيم للمحلوف به ، وذلك لا يكون إلا لله ، قال عليه