لو لا تداركه الاله بلطفه |
|
ولى على العقبين ذا نكصان |
لكن توقف خاضعا متذللا |
|
مستشعر الافلاس من أثمان |
فأتاه جند حل عنه قيوده |
|
فامتد حينئذ له الباعان |
والله لو لا أن تحل قيوده |
|
وتزول عنه ربقة الشيطان |
كان الرقى الى الثريا مصعدا |
|
من دون تلك النار في الامكان |
فرأى بتلك النار آكام المدي |
|
نة كالخيام تشوفها العينان |
ورأى على طرقاتها الأعلام قد |
|
نصبت لأجل السالك الحيران |
ورأى هنالك كل هاد مهتد |
|
يدعو الى الايمان والايقان |
فهناك هنأ نفسه متذكرا |
|
ما قاله المشتاق منذ زمان |
والمستهام على المحبة لم يزل |
|
حاشا لذكراكم من النسيان |
الشرح : بعد أن ذكر المؤلف أن دراساته السابقة وما شحن به رأسه من الأفكار والآراء واصطلاحات العلماء ، وقفت حائلا بينه وبين الوصول الى نار الحق ونور الهدى التي بدت له من المدينة مطلع الايمان ومركز اليقين ، ذكر أن تلك الحوائل كادت تثنيه عن عزمه وتجعله يرتد ناكصا على عقبيه لو لا أن تداركه الله بفضله ورحمته ، فوقف مظهرا الخضوع والذلة مستشعرا افلاسه وعجزه حتى أرسل الله إليه من حل عنه قيوده وخلصه من ربقة أسره ، وهو شيخه وشيخ المفكرين الأحرار جميعا من بعده أحمد تقي الدين أبي العباس بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية الحراني رحمهالله وأجزل مثوبته ، فأصبح بعد اتصاله به وأخذه عنه حرا طليقا قد امتد منه الباعان ولم يعد يتقيد بقول فلان أو فلان ، وو الله لو لم تحل عنه هذه القيود وتزول عنه ربقة الشيطان لكان صعوده الى الثريا في السماء أهون من وصوله الى تلك النار في الامكان. ولما أتى تلك النار شاهد بها حصون المدينة العالية كأنها خيام منصوبة تراها العينان ، ورأى على دروبها أعلام الحق قد نصبت لهداية السالك الحيران ، ولقى فيها الغر الميامين من الصحابة الهداة المهتدين يدعون كل من أمهم الى الايمان واليقين ،