الرسول لهم مثلا (١) بالغيث ، ينزل على أرض سبخة إنما هي قيعان لا تمسك ماء ليشرب منه الزرع والحيوان ، ولا تنبت كلأ ليرعاه بهيمة الأنعام هذا إذا اقتصر ضررها عليها ، ولم تحرق ما يجاورها من الزرع بنارها ودخانها. وأما الجاهلون بالوحي وغيره من أبواب العلم ، فهم كرواء الزرع وزينته ، شر زوان لأنهم مع قلة فائدتهم ممتصون ماء الزرع ويضيقون عليه ، ويمنعون عنه الهواء والشمس ، فهم مع غرس الله من الإيمان والهدى في القلب ، كمثل شجر الدلب تراه ضخما عظيم الورق مع أنه لا زهر له ولا ثمر ، فإذا كان بين أشجار الرمان فإنه يمتص منها الماء فلا يصل إليها ، ويضيق بضخامته عليها فلا تنمو فروعها ولا تبسق أغصانها.
فهذا حال هؤلاء الجهلاء مع حال أهل العلم أنصار الرسول وفوارس الإيمان من أمثال شيخ المؤلف شيخ الإسلام ابن تيمية رحمهالله ، فعليه تحية من الله مباركة طيبة ، فسلام الله عليه ورحمته والله يبقيه مدى الأزمان لسان صدق لدعوة الحق يذود عنها كيد المضلين وأكاذيب المفترين.
* * *
لولاه ما سقى الغراس فسوق ذا |
|
ك الماء للدلب العظيم الشأن |
فالغرس دلب كله وهو الذي |
|
يسقى ويحفظ عند أهل زمان |
فالغرس في تلك الحضارة شارب |
|
فضل المياه مصاوه البستان |
لكنما البلوى من الحطاب قط |
|
اع الغراس وعاقر الحيطان |
__________________
(١) في الحديث الصحيح «ان مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا فكان منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير ، وكان منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله به الناس فسقوا وزرعوا وكان منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ ، فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم ، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ، ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به».