فَسَقُوا فَمَأْواهُمُ النَّارُ كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها ، وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) [السجدة : ١٨ ، ٢٠].
فاطلب الهدى ممن بيده مقاليد الأمور وأزمة القلوب سبحانه واسأله سؤال الخاشع الذليل المسكين الفقير أن يفتح قلبك على الهدى ويثبته على دينه. واستعذ به من خصلتين اثنتين بهما هلك اكثر الخلق ، وهما شر النفوس وسيئات الأعمال ، فلا شر أعظم منهما ، ولهذا كان النبي صلىاللهعليهوسلم يستعيذ منهما في خطبه حيث كان يفتتح خطبه بقوله :
«إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، انه من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل الله فلا هادي له».
فلو كان يعرف العبد أن بلاءه ومصيبته في هذه الدنيا ينبع من هذين الشرين لجعل التعوذ منهما شغله الشاغل وورده الدائم حتى يدرج في أكفانه.
وسل الله كذلك أن يعيذك من أمرين قد صدا أعظم الخلق عن اتباع الحق ، وهما الكبر والهوى ، فهما جامعان لكل شر ، وإذا ولجا قلب العبد سدا عنه كل مسالك الخير وطرقه ، فالكبر حجاب مانع من قبول الحق قد صد عنه ما لا يحصى من الخلق كما نطقت بذلك آيات الكتاب.
قال تعالى : (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلى إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ فَادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ) [النحل : ٢٨ ، ٢٩].
وقال : (سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِ) [الأعراف : ١٤٦] وقال : (الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ) [غافر : ٣٥]. وقال : (إِنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ ما هُمْ بِبالِغِيهِ) [غافر : ٥٦].
وقال : (وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ