الشرح : وردت أحاديث كثيرة تدل على ما أعد الله سبحانه من أجر عظيم للمتمسكين بسنّة نبيه المختار صلىاللهعليهوسلم عند فساد الزمان وانحلال عرى الدين. فروى أبو داود رحمهالله في سننه ، وروى أحمد بن حنبل الشيباني رضي الله عنه في مسنده أثرا تضمن أن للعامل من هذه الأمة عند فساد الزمان أجر خمسين رجلا من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولفظ الحديث عند أبي داود.
وعن أبي أمية الشعباني قال : «سألت أبا ثعلبة الخشني فقلت : يا أبا ثعلبة كيف تقول في هذه الآية : (عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ) [المائدة : ١٠٥]؟ قال : أما والله لقد سألت عنها خبيرا ، سألت عنها رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : بل ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر حتى إذا رأيت شحا مطاعا وهوى متبعا ودنيا مؤثرة وإعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك ـ يعني بنفسك ـ ودع عنك العوام ، فإن من ورائكم أيام الصبر فيها مثل قبض على الجمر ، للعامل فيهم مثل أجر خمسين رجلا يعملون مثل عمله ، وزاد في غيره ، قالوا يا رسول الله أجر خمسين منهم؟ قال أجر خمسين منكم ، وله شاهد يقويه فيما رواه مسلم رحمهالله من أن العبادة في وقت الهرج ـ أي القتل والفتن ـ تعدل هجرة إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
هذا ولأهل السنة هجرات كثيرة لا بالأماني والأحلام ولكن بالتحقيق والتثبيت فلهم هجرة إلى الله عزوجل بالإخلاص والتوحيد ، ولهم هجرة إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالاقتداء والاتباع ، ولهم هجرة من البدع إلى السنن ومن المعاصي إلى الطاعات ومن الأقوال والآراء إلى ما قاله الرسول صلىاللهعليهوسلم وما جاء في القرآن وله شاهد أيضا فيما رواه الترمذي من أن الذي يحيي سنة من سنن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ماتت يكون رفيقه في الجنة.
* * *
هذا ومصداق له أيضا أتى |
|
في الترمذي لمن له عينان |
تشبيه أمته بغيث أول |
|
منه وآخره فمشتبهان |
فلذاك لا يدري الذي هو منهما |
|
قد خص بالتفضيل والرجحان |