سبحانه قاسم فضله بين العبا |
|
د فذاك مولى الفضل والإحسان |
فالفضل عند الله ليس بصورة الأ |
|
عمال بل بحقائق الإيمان |
وتفاضل الأعمال يتبع ما يقو |
|
م بقلب صاحبها من البرهان |
حتى يكون العاملان كلاهما |
|
في رتبة تبدو لنا بعيان |
هذا وبينهما كما بين السما |
|
والأرض في فضل وفي رجحان |
ويكون بين ثواب ذا وثواب ذا |
|
رتب مضاعفة بلا حسبان |
هذا عطاء الرب جل جلاله |
|
وبذاك تعرف حكمة الرحمن |
الشرح : والله سبحانه وتعالى أكرم من أن يضيع ما يتحمله عبده لأجله من شئون ، فتحمله مرارة الرضى والصبر مع كثرة الأعداء وقلة الأنصار مما يدل على صدق يقينه بالله عزوجل وقوة معرفته ومحبته له ، فبحسبه من الذل والغربة قلة أنصاره بين جحافل الشرك التي تغزوه فرقة بعد فرقة ، كلما رجعت عنه فرقة وأفته فرقة أخرى ، فسل هذا الكسير المهيض الجناح عما يلقاه من أعدائه الذين لا حصر لهم مع تطاول الأمد وبعد العهد بالقرون الفاضلة. ولذلك تراه في صبر على أذى أعدائه كالقابض على الجمر ، وترى في أحشائه نارا متقدة من الحزن والألم ، والله سبحانه هو الذي يعلم ما في قلبه من أمور عظيمة لا يقدر قدرها إلا هو سبحانه ، إذ هو موليها ومعطيها فيه بر ووفاء وتوحيد ، وإخلاص وصبر ورضا وشكر وعرفان وتحكيم للسنة والقرآن ، فسبحان مولى الفضل والإحسان الذي قسم الفضل بين عباده بالقسط والميزان والفضل عنده ليس بظواهر الأعمال بل بما تقوم عليه من حقائق الإيمان ، فهي تتفاوت في الفضل بقدر ما يكون في قلب صاحبها من الإخلاص واليقين والخوف والمحبة والتذلل والخضوع الخ. حتى أن الرجلين ليكونان في صلاة واحدة ركوعهما واحد وسجودهما واحد ، وأن بين صلاتيهما كما بين السماء والأرض ، فإحداهما صاحبها في خشوع وخشية وحضور قلبه مع الله ، والأخرى أداها صاحبها وهو ساه غافل عن صلاته ، إنما يؤديها حركات بالجوارح وأقوالا باللسان دون أن يكون حاضر الجنان.
وبين هاتين الدرجتين من المراتب ما لا حصر له ، فيكون بين ثواب هذه