بالمساواة مع صاحب الفضل المطلق ، فضلا عن أن يكون راجحا عليه ، فإن ذا الفضل المطلق قد أحرز من الفضائل والمناقب ما لم يحرزه صاحب الفضل المقيد ، فإذا فرضنا واحدا من الناس قد حاز نوعا من الفضائل لم يحزه الذي هو أفضل منه لم يوجب تخصيصه بهذا النوع فضلا عليه ولا مساواة له.
فخلق الله آدم بيديه ميزة لآدم عليهالسلام ، لم توجب له أن يكون أفضل من نبينا عليهالسلام. وكذا خصائص الرسل بعد آدم ، كتخصيص موسى بالتكليم وعيسى بأنه روح الله وكلمته ، لم يوجب لهم أن يكونوا أفضل من محمد ، بل هو أعلاهم شرفا وأرفعهم عند الله درجات ، فكذلك الحائز لأجر خمسين رجلا من الصحابة لم يحزها في جميع الأعمال الإيمانية حتى يكون أفضل أو مساويا للصحابة فإنه لم يحزها في بدر ولا أحد ، ولا في فتح مكة ولا بيعة الرضوان تحت الشجرة ، وإنما حازها بسبب غربته وفقده للناصر المعين ، على حين كانوا هم يجدون على الحق أعوانا.
* * *
والرب ليس يضيع ما يتحمل |
|
المتحملون لأجله من شان |
فتحمل العبد الوحيد رضاه مع |
|
فيض العدو وقلة الأعوان |
مما يدل على يقين صادق |
|
ومحبة وحقيقة العرفان |
يكفيه ذلا واغترابا قلة الأ |
|
نصار بين عساكر الشيطان |
في كل يوم فرقة تغزوه ان |
|
ترجع يوافيه الفريق الثاني |
فسل الغريم المستضام عن الذي |
|
يلقاه بين عدا بلا حسبان |
هذا وقد بعد المدى وتطاول ال |
|
عهد الذي هو موجب الإحسان |
ولذاك كان كقابض جمرا فسل |
|
أحشاءه عن حرّ ذي النيران |
والله أعلم بالذي في قلبه |
|
يكفيه علم الواحد المنان |
في القلب أمر ليس يقدر قدره |
|
إلا الذي آتاه للإنسان |
بر وتوحيد وصبر مع رضا |
|
والشكر والتحكيم للقرآن |