منه تفجر سائر الأنهار فال |
|
ينبوع منه نازل بجنان |
الشرح : هذا بيان لدرجات الجنة ومنازلها ، وهي من الكثرة والتفاوت بحيث لا يعلم عظمها وتباهيها إلا الله عزوجل قال تعالى : (هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللهِ وَاللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ) [آل عمران : ١٦٣] وقال : (فَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً دَرَجاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً ، وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) [النساء : ٩٥ ، ٩٦].
وفي الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «أن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم كما يتراءون الكوكب الدري الغابر في الأفق من المشرق والمغرب لتفاضل ما بينهم ، قالوا يا رسول الله تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم؟ قال بلى والذي نفسي بيده رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين» ولهما أيضا من حديث سهل بن سعد : «أن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرفة في الجنة كما ترون الكوكب في أفق السماء».
وفي المسند من حديث أبي سعيد يرفعه : «أن في الجنة مائة درجة ، ولو أن العالمين اجتمعوا في إحداهن وسعتهم».
وفي المسند عنه أيضا مرفوعا : «يقال لصاحب القرآن إذا دخل الجنة اقرأ واصعد ، فيقرأ ويصعد بكل آية درجة حتى يقرأ آخر شيء معه».
وهذا صريح في أن درجات الجنة أزيد من مائة ، وأما تحديدها بمائة كما في الحديث الذي قبله وفي غيره فلعل المراد به كما قال المؤلف في كتابه (حادي الأرواح) أن هذه المائة هي نهاية الدرجات ، وفي ضمن كل درجة درجة دونها ، أو المراد بها الدرجات الكبار التي تتخللها درج صغار.
وورد أن بين كل درجتين مسيرة مائة عام ، وورد خمسمائة عام ولا تناقض بينهما ، فإن ذلك محمول على اختلاف السير في السرعة والبطء قاله المؤلف وأعلى