الشرح : وأما النوع الثاني من أشجار الجنة فليس له نظير في هذه الدنيا تراه العيون وهو كثير جدا ، لكن يكفي من عده قول الله تعالى : (فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ) [الرحمن : ٥٢] ويؤتى أهل الجنة بالثمر متشابها ، كما قال تعالى : (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً) [البقرة : ٢٥].
واختلف فيم يكون التشابه؟ فقيل يكون متشابها في اللون مع اختلاف الطعوم قال بهذا طائفة منهم ابن مسعود وابن عباس ومجاهد والربيع بن أنس وغيرهم. قال يحيى بن أبي كثير (عشب الجنة الزعفران وكثبانها المسك ويطوف عليهم الولدان بالفاكهة فيأكلونها ثم يأتونهم بمثلها ، فيقولون هذا الذي جئتمونا به آنفا ، فيقول لهم الخدم : كلوا فإن اللون واحد والطعم مختلف) ، وقيل إن التشابه في الأسماء مع اختلاف الطعم ، ولا أدري من قال بهذا.
وقيل معنى (متشابها) أي يشبه بعضه بعضا في الحسن ، فهو خيار كله لا رذل فيه. قال بذلك الحسن وقتادة وابن جريج وغيرهم ، وعلى هذا فالمراد بالتشابه التوافق والتماثل.
وقالت طائفة أخرى : إن معنى الآية أن ثمر الجنة يشبه ثمر الدنيا في الاسم واللون ، ولكنه أبهج منه منظرا وألذ طعما ، فآكلها يلتذ بها عند تناولها أعظم لذة ومن قبل ذلك تلتذ عيناه بحسن مرآها. قال ابن وهب قال عبد الرحمن بن زيد (يعرفون أسماءه كما كانوا في الدنيا ، التفاح بالتفاح والرمان بالرمان ، وليس هو مثله في الطعم). وقد صح عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال (ليس في الجنة مما في الدنيا إلا الأسماء) ومعنى هذا أن الحقائق مختلفة غير متماثلة ، فليس النخل كالنخل ولا الرمان كالرمان ولا اللبن كاللبن ولا العسل كالعسل وغير ذلك ، ولكن الأسماء متفقة ، ولكن يجب أن يكون هناك قدر مشترك بينهما يصحح إطلاق الاسم على كل منهما كما سيأتي.
* * *