ويأتي لهم الطعام في صحاف من الذهب يطوف عليهم بها غلمان لهم كأنهم لؤلؤ مكنون. قال تعالى : (يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوابٍ وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيها خالِدُونَ) [الزخرف : ٧١].
وتأمل في هذه الآية الكريمة حيث جعل اللذة للعين والشهوة للنفس ، لأن العين إذا التذت شيئا اشتهته النفس ، فلذة العين سبب داع إلى شهوة النفس ، وكلاهما باعث على التناول وهو مقتض لذة أخرى فوق ما نالته العينان.
وروى مسلم في صحيحه من حديث جابر قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يأكل أهل الجنة ويشربون ولا يمتخطون ولا يتغوطون ولا يبولون ، طعامهم ذلك جشاء كريح المسك يلهمون التسبيح والتكبير كما تلهمون النفس». وفي المسند وسنن النسائي بإسناد صحيح عن زيد بن أبي أرقم قال : (جاء رجل من أهل الكتاب إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : يا أبا القاسم تزعم أن أهل الجنة يأكلون ويشربون؟ قال نعم والذي نفس محمد بيده أن أحدهم ليعطى قوة مائة رجل في الأكل والشرب والجماع والشهوة ، قال فإن الذي يأكل ويشرب تكون له الحاجة وليس في الجنة أذى ، قال تكون أحدهم رشحا يفيض من جلودهم كرشح المسك فيضمر بطنه).
وعن عبد الله بن مسعود قال : قال لي رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إنك لتنظر إلى الطير في الجنة فتشتهيه فيخر بين يديك مشويا». وعن عبد الله بن عمرو في قوله تعالى : (يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوابٍ) [الزخرف : ٧١] قال : يطاف عليهم بسبعين صحفة من ذهب كل صحفة منها فيها لون ليس في الأخرى.
وروى الحاكم بإسناده عن حذيفة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن في الجنة طيرا أمثال البخاتي ، فقال أبو بكر إنها لناعمة يا رسول الله ، قال أنعم منها من يأكلها وأنت ممن يأكلها يا أبا بكر».
* * *