فالناقدون يرون ما ذا تحته |
|
والناس اكثرهم من العميان |
الشرح : بعد أن رغب المؤلف في عرائس الجنان اللاتي كمل حسنهن وخلائقهن أخذ يحذر من الانخداع بنساء الدنيا اللاتي تجردن من كل مزية ، فلا حسن في الخلقة ولا إحسان في العمل ، فهو يوصي صاحب الطرف الطموح المعذب الذي ينطلق وراء كل غانية هيفاء أن لا تخدعه صورة ظاهرة من تختها الداء العياء فيرجع بكل خسارة وشقاء. وكيف ينخدع بامرأة قبحت منها الخلائق فلا أمانة ولا وفاء ، ولا صبر ولا رضى ، ولا طاعة ولا تواضع ، وقبحت منها الفعال ، بل هي شيطانة في صورة انسان ، تخضع وتنقاد لمن يهواها من الأنذال والأرذال ، لأنهم هم أشبه بها وأقرب إلى طباعها ، دون أهل الخير والفضل فإنها لا تريدهم ولا ترغب فيهم لعدم المشاكلة بينهم وبينها ، وهي خالية من كل ما يدفعها إلى الخير ويحجزها عن الشر ، فلا دين ولا عقل ، ولا خلق ولا خوف من الله عزوجل. وجمالها ليس بالخلقة والطبيعة ، ولكنه جمال مزور مصنوع من الأصباغ والألوان ، حتى أنها إذا تركت التزين والتجمل زهدت فيها العيون وخلت من كل ما يثير الرغبة فيها ، وهي مطبوعة على الغدر ونكران العشير وعدم الحفاظ عليه والوفاء بحقه ، حتى أنه لو أحسن إليها الدهر كله ثم رأت منه شيئا لا يعجبها ولو مرة واحدة قالت له : ما رأيت منك خيرا قط. وهي مخلوقة من ضلع أعوج ، فإن أراد إصلاحها وتقويمها امتنعت عليه وأبت ألا أن تظل على عوجها ونقصها. وهي لا تعمل فكرها إلا في المكر السيئ والكيد الدنيء الذي يعيا الرجل به ، فهي كما قال تعالى : (إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ) [يوسف : ٢٨] فجمالها قشرة رقيقة تحتها من العيوب والقبائح ما شاء الله ، فهو يشبه نقدا رديئا قدموه بالفضة أو الذهب ليظن أنه منهما ، ولكن النقاد الصيارفة لا يروج عليهم هذا البهرج ، وإن كان ينطلي على كثير من الناس.
* * *
أما جميلات الوجوه فخائنا |
|
ت بعولهن وهن للأخدان |