عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ أَمَلاً) [الكهف : ٤٦].
فالويل لمن أهمل أن يغرس لنفسه في أيام قدرته وإمكانه ، لقد ضيع على نفسه أعظم فرصة.
فيا من يؤمن إيمانا جازما بأنه سيجني هناك ما قدم لنفسه هنا ثم لا يسعى لذلك سعيه ولا يهتم له اهتمامه بأمره دنياه ، قل لي بربك كيف يجتمع إيمان وإهمال أرأيت لو كان لك بستان فعطلته من الغراس هل كنت تجني منه شيئا ، وكذلك لو كان لك أرض فعطلتها من البذر ، فهل كنت ترجو أن تغل لك غلة كثيرة؟ ما قال الله هذا ولا قاله رسوله عليه الصلاة والسلام ، بل جعل الله الأعمال سببا للجزاء ، وجعل الجزاء من جنس العمل وعلى وفاقه وقدره ، قال تعالى : (مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً) [النساء : ١٢٣ ، ١٢٤] ولا تعارض بين هذا وبين ما قاله الرسول عليه الصلاة والسلام فيما رواه عنه الشيخان «لن يدخل أحدكم الجنة بعمله ، فقيل له : ولا أنت يا رسول الله؟ فقال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل».
فإن باء الإثبات في مثل الآية السابقة هي باء السبب ، فالأعمال أسباب فقط في دخول الجنة ، وباء النفي التي في الحديث للمقابلة ، يعني أن الأعمال لا تصلح أن تكون ثمنا للجنة ولا سببا لدخولها لو لا فضل الله ورحمته.
قال المؤلف رحمهالله في حادي الأرواح :
(وهاهنا أمر يجب التنبيه عليه ، وهو أن الجنة إنما تدخل برحمة الله تعالى ، وليس عمل العبد مستقلا بدخولها وإن كان سببا ، ولهذا أثبت الله دخولها بالأعمال في قوله : (بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [الأعراف : ٤٣] ونفى رسول الله صلىاللهعليهوسلم دخولها بالأعمال بقوله : «لن يدخل أحدكم الجنة بعمله» ولا تنافي بين الأمرين لوجهين : أحدهما ما ذكره سفيان وغيره قال : كانوا يقولون النجاة من