وتأمل أبياتها أن ينصب من نفسه حكما أمينا منزها من الهوى والتعصب ، وأن يحكم لها أو عليها حكما قائما على العقل الصريح الخالي من شوائب الوهم وعلى النصوص القرآنية الواضحة.
ثم طلب إليه أن لا يتسرع في رمي قائلها بالكفر حتى يقوم بمعارضتها معارضة نزيهة لا يقصد بها إلا وجه الحق في غير ظلم ولا عدوان ، فإن هو فعل ذلك ولا أخاله يفعل ، فسيجد عنده من أمثالها ما يهدم معارضته ويفل غربها ، لأنه مستعد لقراع الأبطال ومنازلتهم في مضمار الحجاج والجدال ، على أنه لا يستحق أحد اسم الكفر إلا إذا عاند الحق ورد ما جاء به الرسول صلىاللهعليهوسلم من أجل آراء الناس وأقوالهم. فانظر إذا أيها المتسرع بالتكفير لعلك أن تكون أنت المتصف بما يوجب الكفر دون قائلها فترجع بالخيبة والخذلان ، فالحق في ظهوره ووضوحه كالشمس في رأد الضحى صحوا ليس دونها قتر ولا سحاب ، والعيون السليمة تراها وتنظر إليها فلا تخفى إلا على العميان ، فكذلك بصيرة القلب في إدراكها للحق إذا كانت سليمة غير مدخولة ، ولكنها أحيانا تعمى وتنطمس مثل ما تعمى العينان ، بل أشد وأعظم ، كما قال تعالى : (فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) [الحج : ٤٦] فقوله : (أعظم) عطف على (مثل) وقوله : (هذه العينان) فاعل تعمى.
* * *
هذا واني بعد ممتحن بأر |
|
بعة وكلهم ذوو أضغان |
فظ غليظ جاهل متعلم |
|
ضخم العمامة واسع الأردان |
متفيهق متضلع بالجهل ذو |
|
صلع وذو جلح من العرفان |
مزجى البضاعة في العلوم وأنه |
|
زاج من الايهام والهذيان |
يشكو إلى الله الحقوق تظلّما |
|
من جهله كشكاية الأبدان |
من جاهل متطبب يفتي الورى |
|
ويحيل ذاك على قضا الرحمن |