شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى) [طه : ٥٠] يعني هدى كل مخلوق إلى ما قدر له من ضروراته وحاجاته وأعطاه من الوسائل والآلات ما يتمكن معه من تحصيل مأكله ومشربه ومنكحه والسعي في أسباب ذلك ولا شك أن هذا أمر يشترك فيه البر والفاجر بل الحيوانات وغيرها فهو الذي يمسك السموات والأرض أن تزولا وهو الذي يحفظ الخلائق بنعمه. وهو الذي وكل بالآدمي حفظة من الملائكة معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله أي يدفعون عنه من الضر والأذى ما لم يقدره الله مما هو بصدد أن يضره لو لا حفظ الله.
والنوع الثاني حفظه الخاص لأوليائه حفظا زائدا على ما تقدم يحفظهم عما يضر إيمانهم ويزلزل يقينهم من الفتن والشبهات والشهوات فيعافيهم منها ويخرجهم منها بسلامة وحفظ وعافية : ويحفظهم من أعدائهم من الجن والإنس فينصرهم عليهم ويدفع كيدهم عنهم ، كما قال تعالى : (إِنَّ اللهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا) [الحج : ٧٨] وهذا عام في دفع جميع ما يضرهم في دينهم ودنياهم.
فعلى حسب ما عند العبد من الإيمان تكون مدافعة الله عنه بلطفه ، كما في الصحيح من حديث ابن عباس رضي الله عنه «احفظ الله يحفظك ، أحفظ الله تجده تجاهك».
* * *
وهو اللطيف بعبده ولعبده |
|
واللطف في أوصافه نوعان |
إدراك أسرار الأمور بخبرة |
|
واللطف عند مواقع الإحسان |
فيريك عزته ويبدي لطفه |
|
والعبد في الغفلات عن ذا الشأن |
الشرح : قال صاحب النهاية :
(في أسماء الله تعالى اللطيف هو الذي اجتمع له الرفق في الفعل والعلم بدقائق المصالح وإيصالها إلى من قدرها له من خلقه ، يقال لطف به وله بالفتح يلطف لطفا إذا رفق به ، فأما لطف بالضم يلطف فمعناه صغر ودق) أه.