وممّن كتب في الردّ عليه من معاصريه ، الفقيه المحقّق الشيخ محمود بن أبي القاسم الشهير بالمعرّب الطهراني (ت ١٣١٣) في رسالة قيّمة أسماها «كشف الارتياب في عدم تحريف الكتاب» فرغ منها في (١٧ / ج ٢ / ١٣٠٢) تقرب من أربعة آلاف بيت في ٣٠٠ صفحة. وفيها من الاستدلالات المتينة والبراهين القاطعة ، ما ألجأ الشيخ النوري إلى التراجع عن رأيه بعض الشيء ، وتأثّر كثيرا بهذا الكتاب ، فقام بتأليف رسالة اخرى فارسية (١) بصدد الإجابة وتوجيه ما قصده من التحريف ، بأنّه ما أراد من الكتاب المحرّف هذا القرآن الموجود بين الدفّتين ، فإنّه باق على حالته الاولى منذ أن توحّدت المصاحف على عهد عثمان ، لم يتغيّر ولم يلحقه زيادة ولا نقصان منذ ذلك الزمان فإلى الآن. بل المراد الكتاب الإلهي المنزل ، فقد سقط منه عند الجمع الأوّل ما ذهب ببعضه ، وذلك في غير الأحكام. وأمّا الزيادة فالإجماع قائم من جميع فرق المسلمين كافّة على أنّه لم يزد في القرآن ولو بمقدار أقصر من آية. ولا كلمة واحدة في جميع القرآن.
فكان يقول ـ دفاعا عن نفسه ، بعد أن وصلته رسالة الردّ ـ : لا أرضى عن الذي يطالع فصل الخطاب أن يترك النظر في الرسالة الجوابية على كشف الارتياب. وكان يوصي كلّ من كانت عنده نسخة من فصل الخطاب أن يضمّ إليه تلك الرسالة ، فإنّها بمنزلة المتمّم لذلك الكتاب والكاشف عن مقصود مؤلّفه.
يقول صاحب الذريعة : سمعت شيخي النوري يقول : إنّي حاولت في هذا الكتاب إثبات أنّ هذا الموجود بين الدفّتين كذلك باق على ما كان عليه في أوّل جمعه كذلك في عصر عثمان ، ولم يطرأ عليه تغيير وتبديل كما وقع في سائر الكتب. فكان حريّا بأن يسمّى «فصل الخطاب في عدم تحريف الكتاب»! فتسميته بهذا الاسم الذى يحمله الناس على خلاف مرادي ، خطأ في التسمية ، لكنّي لم أرد ما يحملونه عليه. بل مرادي إسقاط بعض الوحي المنزل الإلهي ، وإن شئت فسمّه «القول الفاصل في إسقاط بعض
__________________
(١) ـ فرغ منها في محرّم سنة ١٣٠٣ أي بعد نشر الردّ بسنة.