اعتداد بهم في جماعة الشيعة ، وذلك في عهد متأخّر ، منذ أن نبغ نابغتهم الجزائري (١٠٥٠ ـ ١١١٢) في حاشية الخليج.
فأشاد من هذه الفكرة وأسّس بنيانها على قواعد الاسترسال والانطلاق مع شوارد الأخبار وغرائب الآثار.
وانطلقت وراءه زرافات من أهل الخبط والتخليط ، وأخيرا رائدهم النوري (١٢٥٤ ـ ١٣٢٠) في فصل الخطاب ، الذي حاول فيه نقض دلائل الكتاب ، ونفي حجّيته القاطعة ، الثابتة عند أهل الصواب.
وإليك من دلائل الجزائري في كتابه «منبع الحياة!» :
قال : إنّ الأخبار المستفيضة بل المتواترة قد دلّت على وقوع الزيادة والنقصان والتحريف في القرآن. منها ما روي عن أمير المؤمنين عليهالسلام لمّا سئل عن التناسب بين الجملتين في قوله تعالى : (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) (١) فقال : لقد سقط أكثر من ثلث القرآن.
ومنها : ما روي عن الصادق عليهالسلام في قوله تعالى : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ ..). (٢) قال : كيف يكون هذه الامّة وقد قتلوا ابن رسول الله صلىاللهعليهوآله ليس هكذا نزلت وإنّما نزولها «كنتم خير أئمّة» يعني الأئمّة من أهل البيت عليهمالسلام.
ومنها : ما روي في الأخبار المستفيضة في أنّ آية الغدير هكذا نزلت : «يا أيّها الرّسول بلّغ ما انزل إليك ـ في عليّ ـ فإن لم تفعل فما بلّغت رسالاته»!!
إلى غير ذلك ممّا لو جمع لصار كتابا كبير الحجم!
قال : وأمّا الأزمان التي ورد على القرآن فيها التحريف والزيادة والنقصان ، فهما عصران : العصر الأوّل عصره صلىاللهعليهوآله وأعصار الصحابة. وذلك من وجوه :
أحدها : أنّ القرآن كان ينزل منجّما على حسب المصالح والوقائع ، وكتّاب الوحي كانوا ما يقرب من أربعة عشر رجلا من الصحابة ، وكان رئيسهم أمير المؤمنين عليهالسلام ، وقد
__________________
(١) ـ النساء ٤ : ٣.
(٢) ـ آل عمران ٣ : ١١٠.