العقول «سبعة عشر ألفا» وكأنّها من فعل بعض النسّاخ ، استقلّ عدد السبعة فأضاف إليه عشرا. غير أنّ السبعة آلاف هي القريبة من الواقع الموجود بأيدينا. وظاهر الحديث أنّه ليس بصدد إحصاء عدد الآيات ، بل ذلك من باب إطلاق العدد التامّ المتناسب مع الواقع بعد حذف الكسور أو تتميمها كما هي العادة والمتعارف في الاستعمال ، من باب التسامح ، بعد عدم تعلّق الغرض بذكر الكسر الناقص أو الزائد.
وهذا نظير ما روي : أنّ الإمام زين العابدين عليهالسلام لم يزل باكيا بعد شهادة أبيه أربعين سنة. مع أنّه لم يعش بعده أكثر من خمسة وثلاثين سنة.
قال : وهذا التوجيه لا يجري مع زيادة لفظ «عشر». قال ذلك تدليلا على غلط النسخة قطعا.
ثمّ تعرّض لتذرّعات أهل التحريف الواهية ، وتطرّق إلى كتاب «فصل الخطاب» بالمناسبة وقال : وقد تتبّعت الكتاب صدره وذيله وجميع ما فيه ، فلم نجد فيه ما يصلح مستندا للقول بالتحريف سوى بضع روايات ضعاف الأسناد ، وفيها من المناكير ممّا لا يقول به أشياخه ولا سائر علمائنا ، حيث مخالفتها مع اصول المذهب ، كالذي رواه عن كتاب الاحتجاج مرسلا في سقوط ثلث القرآن من آية واحدة من سورة النساء ، المستلزم ذلك كون هذه السورة معادلة لنصف القرآن أو قريبا من النصف مع جهالة راوي هذا الخبر.
وكالذي يرويه عن كتاب «سليم بن قيس الهلالي» وهو كتاب موضوع لا أصل له ولا هو معتبر عند الأصحاب. وكالذي يرويه عن كتاب «دبستان المذاهب» ، وليس له أصل ولا مستند ... إلى آخر ما يقول ـ رحمهالله وجزاه عن القرآن خير الجزاء ـ. (١)
وقد اعترف الشيخ النوري باختلاف النسخ ، قال : وربّما يوجد في بعض نسخ الكافي «سبعة آلاف آية». قال : واقتصر عليه المولى محسن الفيض في «الوافي» ، ولم يتعرّض لما في سائر النسخ. قال : وهذا منه قريب من الخيانة!
قال : وأظنّ أنّ نسخته قد سقطت منها لفظة «عشر» فجعل الكاتب أو الناظر كلمة
__________________
(١) ـ بهامش الوافي ، المجلد الثاني ، ج ٥ ، ص ٢٣٢ ـ ٢٣٤.