«ألف» «آلاف» مراعاة لقواعد النحو ، من غير مراجعة لسائر النسخ. (١)
قلت : ما أقبح بالرجل يختلع فور ما إذا اصطدم مع الواقع المرّ وعاكسته مجاري الامور! إنّ المولى محسن الفيض ليعدّ من أجلّاء عالم التحديث ، ومن أئمّة النقد وتمحيص الأخبار ، وسعة الاطلاع والإحاطة بمختلف الآثار. فكان ولا يزال علما من أعلام الطائفة ومفخرة من مفاخرها.
وهذا المحدّث النوري نفسه ومعه قاطبة الأخباريين يعظّمون من مواقف هذا الرجل المضطلع بأحاديث أهل البيت عليهمالسلام.
أمّا إذا عاكس موقفهم المنحرف عن اتّجاه كتاب الله العزيز الحميد ، فإنّه يصبح خائنا ومدلّسا في نقل الأخبار! حاشاه من محقّق مدقّق عارف بمشارب الشريعة وصاحب اختيار واعتبار.
وقد عرف المولى محسن الفيض بالإتقان والدقّة في النقل ولا سيّما في موسوعته الحديثية الكبرى «الوافي» لوفائه بمهمّات مسائل الدين في اصوله وفروعه ، مردفة بالتحقيق والشرح والبيان.
وبالحقّ ، كان كتابه هذا من أصحّ الكتب وأدقّها وأحسنها نظما واسلوبا. الأمر الذي جعله مورد اعتماد الأصحاب ومرجعهم عند اختلاف الأنظار.
هذا العلّامة المحقّق ، المولى أبو الحسن الشعراني ، يعلّل اختياره لكتاب الوافي موضعا للشرح والتعليق ، باشتماله على مزايا قلّ ما توجد في سائر الكتب الحديثية.
يقول : وقد تصدّى جمع من علمائنا المتأخّرين لتأليف كتاب يشتمل على ما في الاصول الأربعة. واشتهر بذلك كتابان : وسائل الشيعة والوافي. ولكلّ منهما مزيّة على الآخر.
ويترجّح «الوافي» في جمعه بين الاصول والفروع ، وفي عدم تقطيع الأحاديث ، وفي اشتماله على الشرح والبيان. والعمدة : صحّة النسخة ، وهو الأهمّ في هذا الباب ، أمّا «الوسائل» فهي فاقدة لهذه الامتيازات ، ولا سيّما صحّة النسخة ، إذ لا تطمئن النفس
__________________
(١) ـ فصل الخطاب ، ص ٢٣٦.