«الانتصار» الذي وضعه ردّا على ابن الراوندي ، فيه مواضع رمى فيها الشيعة رمية عشواء بتهمة القول بالتحريف ، ففي موضع من كتابه يزعم أنّ جماعة من الشيعة تنسب الامّة إلى أنّها تصدّت إلى القرآن فنقصت منه وزادت فيه. ويتكرّر منه ذلك في كتابه ... (١)
ولم ندر من هم الجماعة المنتمية إلى الشيعة ، إنّما ندري أنّه لم يذهب إلى القول بالزيادة في القرآن أحد من الشيعة من أيّ الفئات منهم ، على ما عرفت من كلام الطبرسي بالإجماع على عدم الزيادة إطلاقا.
وليس هذا غريبا من مثله ، إنّ الغريب ما صدر من القاضي عبد الجبار بن أحمد من رؤساء المعتزلة المرموقين.
قال ـ عند كلامه عن أنحاء الخلاف في القرآن الكريم ـ : منها خلاف جماعة من الإمامية الروافض ، الذين جوّزوا في القرآن الزيادة والنقصان ، وقالوا : إنّه كان على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله أضعاف ما هو موجود فيما بيننا ، وحتّى قالوا : إنّ سورة الأحزاب كانت بحمل جمل ، وإنّه قد زيد فيه ونقص وغيّر وحرّف ، وما اتوا في ذلك إلّا من جهة الملاحدة الذين أخرجوهم من الدين من حيث لا يعلمون. (٢)
قلت : هذا الرمي المفترى من مثل هذا العالم المحقّق غريب جدّا ، وقد صحّ المثل المعروف : الجواد قد يكبو ، والصارم قد ينبو!
على أنّ القول بزيادة سورة الأحزاب عمّا عليه الآن هو المعروف عن كبار أهل السنّة المعروفين ، وقد عرفت نسبة ذلك من ابن حزم الظاهري إلى ابيّ بن كعب ، زاعما صحّة الإسناد إليه كالشمس لا مغمز فيه. (٣) فكيف يا ترى خفي ذلك على القاضي ونسبه إلى الشيعة الأبرياء!
وبهذه المناسبة نستطرف ما ذكره الشريف رضيّ الدين أبو القاسم علي بن موسى ،
__________________
(١) ـ الانتصار ، ص ١٦٤ ، تحقيق د. نيبرج ، ط مصر ، ١٩٢٥ م ـ ١٣٤٤ ق ، وراجع الصفحات ٦ ، ١٠٦ ، ١٠٧ و ١٥٩ منه. وصفحات ٢٣٦ و ٣٧ ـ ٣٨ ، ط مصر ـ مكتبة الثقافة الدينيّة بمقدّمة محمد الحجازى.
(٢) ـ شرح الاصول الخمسة ، ص ٦٠١.
(٣) ـ راجع المقدّمة ، عن كتابه المحلّى ، ج ١١ ، ص ٢٣٥.