هو المجموع فيكون مؤلفا من الشيء وإلى كل واحد فيكون مؤلفا مع الشيء كما يقال في النحو الكلام هو المركب الذي فيه الإسناد ، والمعرب المركب الذي لم (١) يشبه مبني الأصل ، فالجسم هو المؤلف بالمعنى الأول والجزء بالمعنى الثاني فلا تكرر للوسط.
فإن قيل : المراد بالتأليف عرض خاص مغاير لمعناه اللغوي المشعر بالانضمام المقتضى للتعدد وهو السبب عند المعتزلة لصعوبة الانفكاك.
فالجواب : حينئذ منع الكبرى وجعل الآمدي (٢) النزاع لفظيا عائدا إلى أن لفظ الجسم بإزاء أي معنى وضع ، وصاحب المواقف معنويا عائدا إلى أنه هل يوجد عند اجتماع الأجزاء وحصول الجسم عرض خاص هو التأليف والاتصال ، والسبب لصعوبة الانفكاك على ما يراه المعتزلة أم لا بل الجسم هو نفس الأجزاء المتجمعة ، فالقاضي يحكم بوجوده ، لكن يزعم أنه ليس قائما بالجزءين كما هو (٣) رأى المعتزلة ، بل لكل جزء تأليف يقوم به فيكون جسما لما سيجيء من أن الجزء بمنزلة المادة ، والتأليف بمنزلة الصورة ، وفيه نظر لأن جمهور الأصحاب أيضا قائلون به وبعدم قيامه بجزءين ، وإن جعل النزاع بينه وبين المعتزلة بمعنى أنهم قائلون بالتأليف دونه ففساده أكثر لأن القاضي يقول بالتأليف وهم لا (٤) يقولون بجسمية الجوهرين.
__________________
(١) في (ب) لا بدلا من (لم)
(٢) هو علي بن محمد بن سالم التغلبي ، أبو الحسن ، سيف الدين الآمدي ، أصولي باحث أصله من آمد (ديار بكر) ولد بها وتعلم في بغداد والشام وانتقل الى القاهرة فدرس فيها واشتهر ، وحسده بعض الفقهاء فتعصبوا عليه ، ونسبوه الى فساد العقيدة والتعطيل ومذهب الفلاسفة ، فخرج مستخفيا الى حماه ومنها الى دمشق فتوفي بها له نحو عشرين مصنفا منها الإحكام في أصول الأحكام أربعة أجزاء وأبكار الأفكار في علم الكلام وغير ذلك مولده عام ٥٥١ ه ووفاته عام ٦٣١.
راجع ابن خلكان ١ : ٣٣٩ والسبكي ٥ : ١٢٩
(٣) في (أ) بزيادة لفظ (هو).
(٤) في (ب) وهو بدلا من (وهم) وهو تحريف.