بالطول والعرض والعمق. بأن المراد قبول تلك الأبعاد وإمكانها ، وهذه خاصة شاملة لازمة على أن ما ذكر من زوال مقدار وحدوث آخر مما لا يثبت له عند المتكلمين ، بل الجواهر الفردة هي التي تنتقل من طول إلى عرض.
ولو سلّم فالمراد مطلق الأبعاد وهي لازمة ، وإنما الزوال للخصوصيات.
فإن قيل : على تقدير نفي المقادير ، فالطويل خاصة للجسم ، وعلى تقدير إثباتها فالجوهر الطويل ، فأي حاجة إلى ذكر العرض والعموم.
قلنا : إنما يصح ذلك لو كان منقسم جسما حتى المؤلف من جزءين ، وهم لا يقولون بذلك بل عند النظام أجزاء كل جسم غير متناهية ، وعند الجبائي (١) أقلها ثمانية ، بأن يوضع أربعة بحيث يحصل مربع ثم فوقها أربعة كذلك ، وعند أبي الهزيل (٢) ستة ، بأن يوضع ثلاثة ثم فوقها ثلاثة ، وقيل أربعة بأن يوضع جزءان ، وبجنب أحدهما في سمت آخر فرد واحد(٣) ، وفوق أحد الثلاثة جزء آخر ، وإنما لم يفرض بالثلاثة على وضع المثلث والثالث على (٤) ملتقاهما بحيث يحصل مكعب ، لأن جواز ذلك عندهم في حيز المنع لاستلزامه الانقسام على ما سيجيء : وبالجملة فالجوهر المركب الذي يكون عدد أجزائه أقل من أدنى ما يصح تركب
__________________
(١) هو محمد بن عبد الوهاب بن سلام الجبائي أبو علي : من أئمة المعتزلة ، ورئيس علماء الكلام في عصره ، وإليه نسبة الطائفة الجبائية. له مقالات وآراء انفرد بها في المذهب نسبته الى جبى (من قرى البصرة) اشتهر في البصرة ومات عام ٣٠٣ ه ودفن بجبى له تفسير حافل مطول رد عليه الأشعري.
(٢) هو محمد بن الهذيل بن عبد الله العلاف من أئمة المعتزلة ، ولد في البصرة عام ١٣٥ واشتهر بعلم الكلام. قال المأمون : أطل ابو الهزيل على الكلام كإطلال الغمام على الأنام له مقالات في الاعتزال ومجالس ومناظرات كان حسن الجدل قوى الحجة سريع الخاطر ، كف بصره آخر عمره ، وتوفي بسامرا له كتب كثيرة منها كتاب سماه «ميلاس» على اسم مجوسي أسلم على يده وللأستاذ علي مصطفى الغرابي «أبو الهذيل العلاف» توفي عام ٢٣٥ ه.
راجع وفيات الأعيان ١ : ٤٨٠ ولسان الميزان ٥ : ٤١٣ ومروج الذهب ٢ : ٢٩٨
(٣) في (ب) جزء آخر بدلا من (فرد واحد)
(٤) في (ب) الرابع بدلا من الثالث وهو تحريف