إليها بالطبع ، وتبقى المواضع المرتفعة مكشوفة ، وقال بعضهم : ليس لانكشاف القدر المذكور سبب معلوم غير العناية الإلهية (١). فإن أرادوا بذلك إرادة الله أن يكون ذلك مستقرا للإنسان وسائر الحيوانات ، ومادة لما يحتاج إليه من المعادن والنبات ، فقد دخلوا في زمرة المهتدين ، حيث جعلوا الصانع عالما بالجزئيات ، فاعلا بالاختيار ، لا موجبا بالذات ، لكنهم يفسرون العناية بالعلم ، بالنظام على الوجه الأكمل ، وهو لا يوجب العلم بالجزئي من حيث هو جزئي ، ولا الفعل بالقصد والاختيار.
[قال (والعمدة في كرية الكل)
بساطتها وفي كون الأرض في الوسط ، ثقلها المطلق ، وفي سكونها أنها في حيزها مع انتفاء الميل المستدير لوجود المستقيم ، وقد يستدل على كرية الماء برؤية السائر في البحر أعالي الجبال قبل حضيضاتها ، وعلى توسط الأرض بعدم تفاوت الكواكب في الصغر والكبر بحسب البقاع ، وعلى كريتها بكون طلوع الكواكب وغروبها ، وارتفاع القطب وانخفاضه على نسبة واحدة بحسب البقاع ، وكأنه تحدث ، وإلا فبعد تسليم انتفاء سبب آخر لا يفيد حقيقة الاستدارة والتوسط].
قد اتفق المحققون على أن العناصر (٢) كلها كرية الشكل ، وأن الأرض في
__________________
وغار الماء سفل في الأرض ، وبابه قال ودخل وكذا باب غارت أي عينه دخلت في رأسه وغارت عينه تغار لغة فيه.
(١) في (ب) الأزلية بدلا من (الالهية)
(٢) العنصر في اللغة الأصل والجنس ، يقال : فلان كريم العنصر ، وجمعه عناصر ، وهي مرادفة للامهات ، والمواد والأركان والاسطقسات ، قال ابن سينا : العنصر : اسم للأصل الأول في الموضوعات ، فيقال عنصر للمحل الأول الذي باستحالته يقبل صورا تتنوع بها كائنات عنها ، اما مطلقا وهو الهيولي الأولي ، واما بشرط الجسمية ، وهو المحل الأول من الأجسام الكائنة بقبول صورتها (راجع رسالة الحدود) وقال الخوارزمي : «الاسطقس» (اي العنصر) هو الشيء البسيط الذي منه يتركب المركب كالحجارة والقراميد ، والجذوع التي يتركب منها القصر وكالحروف التي يتركب منها الكلام ، وكالواحد الذي يتركب منه العدد (راجع مفاتيح العلوم ص ٨٢) ـ