الأبخرة. وقلما يكون في الصيف لقلة تكاثف وجه الأرض ، والبلاد التي يكثر فيها الزلزلة إذا حفرت فيها آبار كثيرة حتى كثرت مخالص الأبخرة ، قلت الزلزلة بها ، وقد يصير الكسوف سببا للزلزلة لفقد الحرارة الكائنة عن الشعاع دفعة ، وحصول البرد الحاقن للرياح في تجاويف الأرض بالتحصيف بغتة ، ولا شك أن البرد الذي يعرض بغتة يفعل ما لا يفعله العارض بالتدريج.
[قال (وربما ينقلب البخار)
ماء فتنشق الأرض عيونا جارية ، إن كان لها مدد ، وإلا فراكدة ، وربما يفتقر إلى أن ينكشف عنه ثقل التراب ، فيظهر آبارا وقنوات جارية ، وللثلوج والأمطار أثر ظاهر في ذلك].
إشارة إلى أسباب العيون (١) والآبار والقنوات ، وذلك أن الأبخرة التي تحدث تحت الأرض ، إن كانت كثيرة ، وانقلبت مياها ، انشق منها الأرض ، فإن كان لها مدد حدث منها العيون الجارية ، وتجري على الولاء لضرورة عدم الخلاء ، فإنه كلما جرت تلك المياه ، انجذب إلى مواضعها هواء أو بخار آخر يتبرد بالبرد الحاصل هناك ، فينقلب ماء أيضا وهكذا ، إلا أنه يمنع مانع يحدث دفعة أو على التدريج ، وإن لم يكن لتلك الأبخرة مدد حدثت العيون الراكدة ، وإن لم تكن الأبخرة كثيرة بحيث تنشق الأرض ، فإذا أزيل عن وجهها ثقل التراب ، وصادفت منفذا ، واندفعت إليه ، حدث منها القنوات الجارية والآبار بحسب مصادفة المدد وفقدانه ، وقد يكون سبب العيون والقنوات والآبار مياه الأمطار والثلوج. لأنا نجدها تزيد بزيادتها وتنقص بنقصانها.
[قال (ثم إنهم يعترفون) (٢)
بأن ما ذكروا في الآثار العلوية والسفلية ظنون مبنية على حدس وتجربة ،
__________________
(١) قال تعالى : (وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر) سورة القمر آية ١٢ وقال تعالى : (وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب وفجرنا فيها من العيون) ٣٤ سورة يس وقال تعالى : (وفجرنا خلالهما نهرا) ٢٣ سورة الكهف.
(٢) في (ب) يصرحون بدلا من (يعترفون)