والمراد بتشابه الكيفية تماثلها في كل جزء مركب أو بسيط بحيث لا يتفاوت إلا بالعدد. إذ لو كان هي الكيفيات العنصرية بعينها ، وكانت التشابه في الحس لفرط الامتزاج ، وعدم التمييز لم يكن هناك فعل وانفعال ، ولم تتحقق كيفية وحدانية بها يستعد المركب بفيضان صورة ونفس عليه].
شروع في رابع الأقسام التي رتب عليها الكلام في فصل مباحث الأجسام على التفصيل ، وهو في المركبات التي لها مزاج ، وفيه مقدمة لبيان حقيقة المزاج وأقسامه ، وثلاثة مباحث للإشارة إلى الأقسام الثلاثة للمتزج أعني المعدن والنبات والحيوان ـ وقد سبق أن الكلام في ذلك مبني على قانون الفلسفة ، وإنما آثر في تفسير المزاج ، طريق التفريع على طريق التعريف ، بأن يقول هو كيفية متوسطة متشابهة حادثة من تفاعل العناصر المجتمعة المتصغرة الأجزاء بقواها المنكسرة ، سورة (١) كل من كيفياتها الأربع ، لأن ذكر المتوسطة والمتشابهة ، إنما يحس بعد ذكر أجزاء العناصر واجتماعها وكيفياتها ، وفي رعاية ذلك فوات حسن انتظام اللفظ ووضوح المعنى.
فإن قيل : أي حاجة إلى ذكر المتوسطة.
قلنا : الاحتراز عن توابع المزاج كالألوان والطعوم والروائح. لأن معنى التوسط أن يكون أقرب إلى كل من الكيفيتين المتضادتين مما يقابلها. بمعنى أن يستحر (٢) بالقياس إلى الجزء البارد ، ويستبرد بالقياس إلى الجزء الحار ، وكذا في الرطوبة واليبوسة. وأما ذكر التشابه على ما سيجيء من معناه ، فللتحقيق دون الاحتراز ، ولو ذكر بدلهما الملموسة لكفي وحسن التحديد.
وعبارة ابن سينا في القانون (٣) ، خارج عن القانون جدا ، وذلك أنه قال :
__________________
(١) في (ب) سوى بدلا من (سورة)
(٢) في (ب) تسخن بدلا من (يستحر)
(٣) كتاب القانون في الطب للشيخ الرئيس أبي على حسين بن عبد الله المعروف بابن سينا المتوفي سنة ٤٢٨ وهو من الكتب المعتبرة أوله الحمد لله حمدا يستحق بعلو شأنه الخ فهو كتاب مشتمل على قوانينه الكلية والجزئية فتكلم أولا في الأمور العامية الكلية في كلا قسمى الطب أعني النظري والعملي ، ثم تكلم في كليات أحكام قوى الأدوية المفردة ثم في جزئياتها ثم في الأمراض الجزئية ثم