المزاج كيفية تحدث عن تفاعل كيفيات متضادة موجودة في عناصر متصغرة الأجزاء ، لتماس أكثر كل واحد منها أكثر الأجزاء إذا تفاعلت بقواها بعضها في بعض حدثت عن جملتها كيفية متشابهة في جميعها هي المزاج ، فسلك طريق التعريف منحرفا إلى طريق التفريع ، وحينئذ فالشرطية (١). أعني قوله إذا تفاعلت الخ أن كانت صفة العناصر وقع تكرار لا حاجة إليه ، وكان قوله هي المزاج أجنبيا لا يرتبط بما سبق الا بأن يجعل صفة كيفية متشابهة ، فيذكر المحدود في الحد ، وإن جعل الظرف متعلقا بقوله يحدث ، كان الواقع في معرض الجزاء أجنبيا لا معنى له. والظاهر أن قوله إذا تفاعلت الخ أخذ في طريق التفريع بعد تمام التعريف ، وأسند التفاعل في التعريف إلى الكيفيات على ما هو ظاهر نظر الصناعة ، وفي التفريع إلى العناصر بواسطة القوى التي هي الكيفيات أو الصور النوعية على ما هو أقرب إلى التحقيق الفلسفي.
فإن قيل : فيدخل في التعريف توابع المزاج.
قلنا : وكذلك إذا جعلنا الشرطية من تمام التعريف ، لأن إخراجها بقيد المتشابهة تفسيرا لها بما فسروا به المتوسطة تعسف على ما سيجيء إن شاء الله تعالى ، ثم لا بد لتوضيح المقام من الكلام في مواضع :
__________________
ـ القانون الكلي للمعالجة وقسمه إلى خمسة كتب : الاول : في الامور الكلية من علم الطب. الثاني : في الأدوية المفردة ، الثالث في الامراض الجزئية من الرأس إلى القدم الرابع : في الامراض الجزئية التي لم تختص بعضو الخامس في تركيب الأدوية. ومن شروح كلياته شرح ابن النفيس علاء الدين على بن أبي الحزم القرشي الشافعي المتوفي سنة ٦٧٨ واختصره وسماه الموجز وأول الشرح بعد حمد الله رب العالمين إلخ ذكر فيه أنه رتبه على ترتيب القانون إلا في فن التشريح فإنه رأى أن يجمع الكلام في التشريح في كتاب واحد بعد الكلام في مباحث بقية الكتاب الاول ، وشرحها الإمام فخر الدين محمد بن عمر الرازي المتوفي سنة ٦٠٦ ه راجع كشف الظنون ٢ : ١٣١١ ـ ١٣١٢
(١) القضية الشرطية هي التي تتركب من قضيتين ويحكم فيها على تعلق أحد طرفيها بالآخر ، وهي إما متصلة وإما منفصلة ، فالشرطية المتصلة هي التي توجب أو تسلب لزوم قضية أخرى. كقولنا : إن كانت الشمس طالعة فالنهار موجود.
والشرطية المنفصلة : هي التي توجب أو تسلب عناد قضية لاخرى كقولنا إما أن يكون هذا العدد زوجا وإما أن يكون فردا.