الأول : أنه اعتبر في المزاج تصغر أجزاء العناصر ، لأن تأثير الجسم وإن أمكن بدون المماسة كما في تسخين الشمس للأرض ، وجذب المغناطيس (١) للحديد لكن لا خفاء في أنه في الامتزاج ، إنما هو بطريق المماسة وهي تتكثر بتكثر السطوح الحاصل بتكثر الأجزاء الحاصل لتصغرها ، وكلما كان تصغر الأجزاء أكثر ، كان الامتزاج أتم ، ومنهم من جعل المماسة شرطا في تأثير الجسم ، لأنه إن لم يشترط وضع أصلا فباطل ، للقطع بأن نار الحجاز لا تحرق حطب العراق. وإن اشترط المجاورة ولو بوسط أو وسائط ، فالبعيد لا ينفعل إلا بعد انفعال القريب القابل للانفعال. وحينئذ : فالمؤثر في البعيد هو المتوسط بما استفاد من الأثر للقطع بأن سخونة الجسم المجاور للهواء المجاور للنار ، إنما هو بسخونة الهواء ، فلا يكون التأثير بدون المماسة.
والجواب : أنه يجوز أن يكون القابل هو البعيد دون القريب ، فيتأثر بدون المماسة ، كما في تسخين الشمس للأرض ، وجذب المغناطيس للحديد.
الثاني : أنه لا بد في حدوث المزاج من العناصر الأربعة ، لأن في كل منها فائدة ، لا يتم بدونها الكسر والانكسار ، وحدوث الكيفية المتوسطة المتشابهة ، ولهذا يرى المركب من الماء والتراب لا تترتب عليه آثار الأمزجة إلا بعد تخلخل في الأجزاء ، وحرارة فوق ما في الهواء ، فعلى هذا لا بد في تحصيل الجزء الناري من الكون والفساد ، إذ لا يترك من الأثير إلا بالقاسر ولا قاسر. وبعضهم على أنه يجوز حدوث المزاج من اجتماع بعض العناصر ، فإنها إذا تصغرت أجزاؤها جدا واختلطت تفاعلت لا محالة ، وحدثت الكيفية المتوسطة.
__________________
(١) يوجد جسم يسمى حجر المغناطيس خاصيته جذب الحديد ، ومعادن أخرى كالكوبالت والكروم والنيكل ، وهذا الجسم يوجد بكثرة في بلاد السويد والنورفيج الفولاذ : يكتسب قوة جذب الحديد كالمغناطيس وذلك إذا دلك بحجر المغناطيس أو عرض لتأثير تيار كهربائي.
لأجل معرفة خواص المغناطيس الطبيعي يستعمل المغناطيس الصناعي لإمكان إعطائه الأشكال المناسبة.
والأشكال المستعملة في التجارب هي : القضبان ويعطي لها أحيانا شكل نعل الفرس ، والأبر ، وهي على شكل المعين ، والمعين هو شكل هندسي رباعي أضلاعه متوازية ، وكل زاويتين متقابلتين فيه متساويتان منها زاويتان حادتان وزاويتان منفرجتان فالشكل المعين هو كشكل قطعة البقلاوة.