بأن تبطل صورة ، وتحدث أخرى مع بقاء المادة. والاستحالة تبدل في الكيفيات ، بأن تزول كيفية ، وتحدث أخرى مع بقاء الصورة ، ولا خفاء في أن القول بالمزاج بالمعنى المذكور (١). أعني حدوث كيفية متوسطة متشابهة في كل جزء بحسب الحقيقة ، مبنى على جواز استحالة كل عنصر في كيفية (٢) الفعلية والانفعالية ، حتى يكون الجزء الناري من الممتزج في الكيفية المتوسطة بين الحرارة والبرودة ، والرطوبة واليبوسة كالجزء المائي ، والهوائي والأرضي على السواء (٣).
وزعم الإمام أنهم لم يثبتوا ذلك إلا في الماء حيث يستحيل برده (٤) إلى الحر من غير تكون وبروز ، ولا ورود عليه من خارج ، وهو لا يستلزم جواز استحالة الكل في الكل وكأن الأطباء تركوا بيان (٥) هذا الأصل إلى الحكماء ، لكونه من مبادي علم الطب ، والحكماء إلى الأطباء لكونه من فروع الطبيعي ، وأصول الطب فبقي مهملا.
وردّ بأن جواز الاستحالة من لوازم جواز الكون والفساد ، فبيانه في الكل بيان لجواز الاستحالة في الكل ، وتقريره على ما أشير إليه في النجاة (٦) ، أن زوال صورة
__________________
(١) سقط من (ب) جملة (بالمعنى المذكور)
(٢) سقط من (أ) لفظ (كيفية)
(٣) سقط من (ب) جملة (على السواء)
(٤) في (أ) برودة بدلا من (برده)
(٥) سقط من (أ) لفظ (بيان)
(٦) كتاب النجاة في مختصر الشفاء لابن سينا أوله وبعد حمد الله والثناء عليه ، شرحه محمد الحارثي السرخسي الذي ساح أكثر الأقاليم لطلب الحكمة كما ذكره الشهرزوري في النزهة وتتمة النجاة للشيخ أبي عبيد عبد الواحد بن محمد الجوزجاني ذكر فيه أنه كان في خدمة الشيخ حريصا على اقتناء تصانيفه إذ كان من عادته أن يبذل مصنف لملتمسه ولا يدخر منه نسخة لنفسه وكان من تصانيفه الكبار في الحكمة بعد كتاب الشفاء كتاب النجاة في الحكمة وأنه أورد فيه من المنطق والطبيعيات والالهيات ما رأى أن يورده ، ولم يتفرغ لإيراد الرياضيات فيه لعوائق عاقته.
وكان عنده من مصنفات الشيخ الرئيس كتاب في أصول الهندسة مختصرا من أقليدس ذكر فيه من الهندسة على رأيه القدر الذي من عرفه وتحقق وجد السبيل إلى معرفة (المجسطى) وكتاب في الأرصاد الجوية الكلية والهيئة كالمختصر من (المجسطى) وكتاب مختصر في الموسيقى ، ورأى أن يضيف هذه الرسائل إلى هذا الكتاب ليتم مصنفاته كما أشار إليه في صدره ولما لم يجد له في الارتماطيفي شيئا شبيها بها اختصر من كتابه في الارتماطيفي رسالة وأودعها ما يرشد إلى معرفة ـ