وحدوث أخرى إنما يكون عند تمام استعداد المادة ، وهو أمر حادث يفتقر إلى زمان ، فلا بدّ من تغير واقع على التدريج ، وليس ذلك في نفس الصورة لأن وجودها وعدمها دفعي.
فتعين أن يكون في الكيفية ، بأن تتغير فتضعف الكيفية التي تناسب الصورة التي تفسد ، وتشتد إلى تناسب الصورة التي تكون ، ولا نعني بالاستحالة إلا تغير الكيفية مع بقاء الصورة ، وما ذكر في المتن استدلال على ثبوت الاستحالة بوجه آخر ، وهو أنه لما ثبت فيضان الصور والنفوس لزم حدوث كيفية متوسطة متشابهة في جميع أجزاء الممتزج ، لتستعد المادة بذلك لقبولها ، وهذا نفس الاستحالة. أعني زوال الكيفيات الصرفة في الأجزاء العنصرية ، وحصول الكيفية المتوسطة وفيه نظر ، لجواز أن يحصل الاستعداد بمجرد اختلاط الأجزاء المتصغرة بحيث تحصل الكيفية المتوسطة بحسب الحس مع كون كل من الأجزاء البسيطة على صرافة كيفيتها.
[قال (ثم التعريف يتناول المزاج الثاني)
فما فوقه كما في الذهب من الزئبق (١) والكبريت ، إن جعلنا الفاعل فيه صور البسائط على ما يظهر بالقرع والانبيق ، لا الصور المعارضة على المركبات باعداد الكيفية المزاجية].
أعني الحاصل من امتزاج الأجزاء المتصغرة للمركبات ، كمزاج الذهب
__________________
ـ الموسيقى وأضاف إليه راجع كشف الظنون ٢ : ١٩٢٩
(١) هو معدن سائل يوجد في الكون منفردا ، ويوجد على حالة كبريتور ويسمى زنجفر ، ومنه يستخرج بالصناعة ، وهو سائل لماع يتجمد على درجة ٤٠ تحت الصفر ، ويغلي على درجة ٣٦٠ فوق الصفر ، ولا يتغير في الهواء وعلى درجة ٣٠٠ يتحد بالاوكسجين فيستحيل إلى مسحوق أحمر هو أكسيد الزئبق وإذا لامس الزئبق قطعة من الذهب أو النحاس صارت بيضاء بسبب تكون ملغمة من الزئبق على سطحها.
هذا المعدن يستعمل لاستخراج الذهب والفضة بالتملغم ويستعمل في البارومترات والترمومترات وعمل المرايا وهو يستعمل طبيا ضد الزهري ومنوعا ومحللا وبعض الاطباء يصفونه من الباطن في حالة اختناق الامعاء ويستعمل دهانا على الجلد في معالجة الزهري.