دائما في المسامتة أو في القرب منها ، فتكون حرارتهم مفرطة ، لأن قرب المسامتة في زمان يسير كما في الصيف عندنا ، مع تقدم برد الشتاء المخرج للهواء عن استعداد التسخن مسخن جدا فهذا أولى.
وجوابه : أن مسامتتهم لسرعة زوالها أقل نكاية وتسخينا للهواء من المسامتة ، أو القرب منها في البلاد ذوات العروض ، لأن قرب المسامتة يبقى هناك أياما كثيرة ، ويكون النهار أطول من الليل طولا ظاهرا. والسبب الدائم وإن ضعف ، قد يكون أكثر تأثيرا من غير الدائم ، وإن قوى كالحديد في نار لينة مدة ، وفي نار قوية لحظة.
وثانيهما : أن زمان وصول الشمس إلى أول السرطان (١) شتاء لخط الاستواء لكون الشمس على غاية البعد عن سمت رأسهم ، وصيف لبقعة عرضها سبعة وأربعون ضعف الميل الكلي كبلدة سراي (٢) لكونها على غاية القرب عنها مع أن بعدها عن سمت رأس البقعتين على السواء ، فيكون حر شتاء خط الاستواء كحرّ صيف هذه البلدة ، بل أكثر إذا تأملت ، لأن ما قبل هذه الحالة لهم من أسباب السخونة ، ولأهل البلدة من أسباب البرودة ، وإذا كان حر شتائهم هذا ، فما ظنك بحرّ صيفهم.
وجوابه : منع تشابه حرّ الفصلين في البقعتين ، وإنما يلزم لو انحصر سبب الحرّ
__________________
(١) السرطان : بيت القمر ، وشرف المشتري ، وهبوط المريخ ووبال زحل ، وهو برج مائي أنثي ليلي شمالي منقلب صيفي بلغمي ، وفي أوله يبتدئ الليل بالزيادة والنهار في النقصان تسعون يوما ، وله ثلاثة وجوه ، وخمسة حدود.
(٢) لا توجد بلدة بهذا الاسم فلعلها سرماري ـ وهي قلعة عظيمة ، وولاية واسعة بين تفليس وخلاط مشهورة مذكورة وسرماري قرية بينها وبين بخاري ثلاثة فراسخ.
أو لعله يقصد سرّ من رأي : قال الزجاجي : قالوا كان اسمها قديما ساميرا سميت بسامير بن نوح كان ينزلها لأن أباه أقطعه إياها فلما استحدثها المعتصم سماها سرّ من رأى ، وقد بسط القول فيها بسامراء قال أبو عثمان المازني. قال لي الواثق كيف ينسب رجل إلى سرّ من رأى ..؟ فقلت : سرّى يا أمير المؤمنين أنسب إلى أول الحرفين كما قالوا في النسب إلى تأبط شرا تأبطي.
راجع معجم البلدان ٣ : ٢١٥