يرد على البدن فيغذوه. واحترز بقيد الأولية عن الرطوبات الثانية وعن المني ، فإن الغذاء إنما يستحيل إليهما بعد الاستحالة إلى الخلط ، ويرد عليه إشكال بالخلط المتولد من الخلط كالدم من البلغم ،. ويدفع ـ بأن المراد استحالة الغذاء أولا (١) في الجملة. وكل خلط فرض ، فإن من شأنه أن الغذاء يستحيل إليه أولا. ثم لا خفاء في أنه مثل اللحم والعظم ، وجميع ما عدا الخلط يخرج بهذا القيد ، فذكر الرطب والسيال يكون مستدركا ، بل مخلا بالانعكاس (٢) ، إذ يخرج البلغم الجصي ، والسوداء الرمادية ، فإنهما غير سيالين ، بحكم المشاهدة ، والقول بأن عدم السيلان لمانع ليس بقادح ضعيف.
[قال (ثم يتشبه به)
لونا ، وقواما ، ومزاجا ، والتصاقا].
أي يصير ما يليق بالعضو ، ويرشح عليه شبيها به في المزاج والقوام (٣) واللون والالتصاق ، أعني صيرورته جزءا من العضو على النسبة الطبيعية ، من غير أن يبقى متميزا عنه ، مترهلا كما في الاستسقاء اللحمي. فإن ذلك إخلال بفعل الالصاق ، كما أن البرص (٤) والبهق إخلال بالتشبه في اللون. أما الذبول فإخلال بتحصيل جوهر الغذاء ، ومن الإخلال بالفعل ما وقع في المواقف. أن الاستسقاء اللحمي إخلال بالقوام ، والذبول إخلال بالالتصاق ، ولا أدري كيف يقع مثله لمثله. واعلم أنه إذا لم يكمل القوام فهي رطوبة رذاذية طلية ، قد التصقت بالعضو ، وانعقدت ، واستحالت إليه من جهة المزاج ، لكن لقرب عهدها بالانعقاد لم تصلب بعد ، ولم يحصل لها قوام العضو.
__________________
(١) سقط من (ب) لفظ (أوّلا)
(٢) في (ب) ومخلا بالانعكاس بحذف (بل)
(٣) سقط من (أ) لفظ (القوام)
(٤) البرص : داء وهو بياض ، وقد برص الرجل فهو أبرص ، وأبرصه الله ، وسام أبرص ، من كبار الوزغ ، وهو معرفة إلا أنه تعريف جنس ، وهما اسمان جعلا اسما واحدا ، إن شئت أعربت الاول ، وأضفته إلى الثاني ، وإن شئت بنيت الاول على الفتح وأعربت الثاني باعراب ما لا ينصرف.