الأولى ، تمييزا من المغيرة التي هي من جملة الغاذية.
أعني التي تغير الغذاء الوارد على البدن إلى مشاكلة أعضائه. فإنها إنما تكون بعد تصرف المغيرة الأولى وحصول البدن بأعضائه. والثالثة التي تفيد تمييز الأجزاء وتشكيلها على مقاديرها ، وأوضاع بعضها عند بعض ، وكيفياتها ، وسائر ما يتعلق بنهايات مقاديرها.
وبالجملة تلبس كل عضو صورته الخاصة به ، فيكمل وجود الأعضاء ، وهذه تخص باسم المصورة ، ومحلها المنى ، كالمفصلة وفعلها إنما يكون في الرحم ، وكلام القوم متردد ، في أن المولدة اسم للقوى الثلاث جميعا (١) ، أو للمحصلة وحدها ، أو لها وللمفصلة معا. والأول هو المفهوم من الشفاء والإشارات حيث حصر القوى الطبيعية في الغاذية والنامية والمولدة من غير تعرض للمصورة. ولذا قال الشارح (٢) للإشارات. أن المولدة للمثل تنقسم إلى نوعين : مولدة ومصورة ، والمولدة إلى نوعين : محصلة ومفصلة ، فأراد بالمولدة أولا المتصرفة لحفظ النوع ، ليعم الأقسام ، وثانيا المتصرفة لا على وجه التصوير ليكون أخص. بل كلام الشفاء صريح فيما ذكرنا. لأنه قال المولدة قوة تأخذ من الجسم الذي هي فيه جزءا هو شبيه بالقوة فتفعل فيه باستمداد أجسام أخرى تشبه به من التخليق والتمزيج ما يصيره شبيها به بالفعل ، وقال : للمولدة فعلان :
أحدهما : تخليق البذر وتشكيله وتطبيعه. الثانية. صورها من القوى والمقادير والأعداد والأشكال والخشونة والملاسة ، وما يتصل بذلك متسخرة تحت قدرة
__________________
(١) سقط من (ب) لفظ (جميعا)
(٢) هو محمد بن محمد بن الحسن أبو جعفر ، نصير الدين الطوسي فيلسوف كأن رأسا في العلوم العقلية ، علامة بالأرصاد والمجسطي والرياضيات علت منزلته عند هولاكو فكان يطيعه فيما يشير به عليه ، ولد بطوس (قرب نيسابور) وابتنى بمراغة قبة ورصدا عظيما واتخذ خزانة ملأها من الكتب التي نهبت من بغداد والشام والجزيرة. من كتبه (شكل القطاع) و (تربيع الدائرة) (تجريد العقائد) و (حل مشكلات الإشارات والتنبيهات لابن سينا ، وشرح قسم الإلهيات من إشارات ابن سينا وغير ذلك كثير. توفي عام ٦٧٢ ه راجع فوات الوفيات ٢ : ١٤٩ والوافي ١ : ١٧٩ ومفتاح السعادة ١ : ٢٦١