المتفرد بالجبروت عز شأنه ، والثاني : أعني كون المولدة للمحصلة ، مذهب بعض الأقدمين ، وبه يشعر ما نقل عن ابن سينا : أن القوة المولدة يخدمها القوتان اللتان إحداهما المفصلة ، والأخرى المصورة.
والثالث : أعني كونها اسما لما يعم المحصلة والمفصلة. مذهب الجمهور والمصرح به في القانون ، حيث قال : إن القوة المتصرفة لبقاء النوع تنقسم إلى نوعين ، إلى المولدة والمصورة. والمولدة نوعان ، نوع يولد المنى في الذكر والأنثى ، ونوع يفصل القوى التي في المنى ، فيمزجها تمزيجات بحسب عضو عضو.
[قال (ونفاها بعضهم) :
للقطع باستحالة صدور مثل هذه الأفعال ، التي هي العمدة في الاستدلال على قدرة الصانع وعلمه وحكمته ، عن قوة بسيطة عديمة الشعور ، حالة في مادة متشابهة الأجزاء أو الالتصاق] (١).
إشارة إلى ما ذكره الإمام ، واختاره بعض الحكماء المتأخرين. وهو أن العقل قاطع بامتناع صدور هذه الأفعال المختلفة ، والتركيبات العجيبة الدالة على غاية القدرة والحكمة ، على قوة بسيطة ليس لها شعور أصلا ، مع أنها حالة في جسم متشابه الأجزاء ، أو متشابه الامتزاج على اختلاف الرأيين ، إذ عند أرسطو جزء المنى كالكل في الاسم والحد من غير اختلاف في الحقيقة لكونه منفصلا عن الانثيين فقط ، وعند أبقراط أجزاء المنى مختلفة بالحقائق ، متمايزة في نفس الأمر ، إذ يخرج من اللحم جزء شبيه به ، ومن العظم جزء شبيه به ، وكذا سائر الأعضاء ، غاية الأمر أنها غير متمايزة في الحس ، وهو معنى تشابه الامتزاج ، ولكل من الفريقين احتجاجات مذكورة في موضعها.
__________________
(١) في (ب) الامتزاج بدلا من (الالتصاق)