الأول : إن القابل للانقسام لو لم يكن منقسما بالفعل ، بل واحدا في نفسه كما هو عند الحس لزم قبول الوحدة الانقسام ، واللازم باطل. إذ لا معنى لها سوى عدم الانقسام. وجه اللزوم أن الوحدة حينئذ تكون عارضة لذلك القابل حالة فيه ، سواء جعلت لازمة له أو غير لازمة ، ضرورة أنها ليست نفسه ، ولا جزءا منه ، وانقسام المحل يستلزم انقسام الحال ، ضرورة أن الحال في كل جزء غير الحال في الجزء (١) الآخر.
وأجيب بأن الوحدة من الاعتبارات العقلية ..
ولو سلّم فليست من الأعراض السارية التي تنقسم بانقسام المحل.
الثاني : أنه لو كان واحدا لكان تقسيم الجسم وتفريق أجزائه إعداما له ، ضرورة أنه إزالة لهويته الواحدة ، وإحداث لهويتين أخريين ، واللازم باطل ، للقطع بأن شق البعوض البحر بإبرته ليس إعداما له ، وإحداثا لبحرين أخريين.
وأجيب : بأنه إن أريد بالبحر ذلك الماء مع ما له من الاتصال ، فلا خفاء في انعدامه عند عروض الانفصال ، وإن أريد نفس ذلك الماء من غير اعتبار بالاتصال ، فليس في الشق زوال بحر ، ولا حدوث بحرين ، وهذا أنسب بقواعدهم ، حيث يقولون : إن القابل للشيء يجب أن يكون باقيا عنده ، مجتمعا معه ، فإن نقل الكلام إلى المادة بأنها إن كانت متعددة فهو إلزام (٢) ، وإن كانت واحدة فإن بقيت بعد الانقسام كذلك ، فظاهر البطلان للقطع بأن ما هو محل لهذه الصورة غير ما هو محل للصورة الأخرى ، وإن صارت متعددة ، فقد انعدمت الأولى ضرورة ، ولزم انعدام الجسم بمادته وصورته جميعا ، وبطل قاعدة اجتماع القابل (٣) مع المقبول فلا محيص إلا بأن يقال المادة استعداد محض ليست في
__________________
(١) سقط من (أ) كلمة (الجزء)
(٢) في (أ) المرام وهو تحريف
(٣) القابل : هو المهيّئ للقبول ، والقابلية حالة القابل ، وهي التهيؤ لقبول التأثير من الخارج ويرادفها الانفعال. قال ابن سينا : «فبين أن المادة لا تبقى مفارقة بل وجودها وجود قابل. لا غير كما أن وجود العرض وجود مقبول لا غير» (النجاة ٣٣٢) وقال أيضا : ان كل واحد من الموجودات يعشق الخير المطلق عشقا غريزيا وان الخير المطلق يتجلى لعاشقه إلا أن قبولها ـ