أنفه ، وإذا غمض عينيه على السراج ، يرى كأن خطوطا شعاعية ، اتصلت بين عينيه والسراج.
والجواب : عن الكل أنها لا تدل على المطلوب. أعني كون الإبصار بخروج الشعاع ، بل على أن في العين نورا ، ونحن لا ننكر أن في آلات الإبصار أجساما شعاعية مضيئة ، تسمى بالروح الباصرة ، يرتسم منها بين العين والمرئي مخروط وهمي ، يدرك المرئي من جهة زاويته التي عند الجليدية تشتد حركتها عند رؤية البعيد ، فيتحلل لطيفها ، ويفتقر إلى تلطيف إذا غلظ ، وتكثيف إذا ضعف ، ورق فوق ما ينبغي ، ويحدث منها في المقابل ، القابل أشعة وأضواء تكون قوتها فيما يحازي مركز العين الذي هو بمنزلة الزاوية للمخروط الوهمي ، ولشدة استنارته تكون الصورة المطبعة (١) فيه أظهر ، وإدراكه أقوى وأكمل ، ويشبه أن يكون هذا مراد القائلين بخروج الشعاع تجوزا منهم على ما صرح به ابن سينا ، وإلا فهو باطل قطعا. أما إذا أريد حقيقة الشعاع الذي هو من قبيل الأعراض فظاهر ، وإن أريد جسم شعاعي يتحرك من العين إلى المرئي ، فلأنا قاطعون بأنه يمتنع أن يخرج من العين جسم ينبسط في لحظة على نصف كرة العالم ، ثم إذا أطبق (٢) الجفن عاد إليها ، أو انعدم ، ثم إذا فتحه خرج مثله وهكذا ، وإن يتحرك الجسم الشعاعي من غير قاسر ولا إرادة إلى جميع الجهات ، وأن ينفذ في الأفلاك ويخرقها ليرى الكواكب ، وأن لا يتشوش بهبوب الرياح ، ولا يتصل بغير (٣) المقابل ، كما في الأصوات حيث تميلها الرياح إلى الجهات ، ولأنه يلزم أن يرى القمر قبل الثوابت بزمان يناسب تفاوت المسافة بينهما ، وليس كذلك ، بل ترى الأفلاك بما فيها من الكواكب دفعة وأيضا يلزم أن يرى ما في الخزف لكثرة المسام فيه ، بدليل الرشح دون ما في الزجاج أو الماء ، ولو كان رؤية ما فيهما من جهة المسام ، لوجب أن يكون بقدرها من غير أن يرى (٤) الشيء بمجموعه ، وبمثل هذه الأدلة والأمارات
__________________
(١) في (أ) المطبعة بدلا من (المطبقة)
(٢) في (أ) اطلق بدلا من (أطبق)
(٣) في (ب) بعين بدلا من (بغير)
(٤) سقط من (أ) لفظ (يرى)