قلنا : نعم. بمعنى أنه ليس الآلية (١) الأولية المختصة].
هي أيضا على حسب ما وجدناه خمس. وإن احتمل إمكان غيرها ، وما يقال إنها إنما مدركة ، وإما معينة على الإدراك (٢) ، والمدركة. إما مدركة للصور أو للمعاني ، والمعينة إما حافظة للصور أو للمعاني ، وإما متصرفة فيها ، فوجه (٣) ضبط ، وجعل الحافظ والمنصرف مدركا باعتبار الإعانة على الإدراك. أما الحس المشترك ويسمى باليونانية «بنطاسيا» أي لوح النفس. فهي القوة التي تجتمع فيها صور المحسوسات الظاهرة ، بالتأدي إليها ، من طرق الحواس ويدل على وجودها وجوه :
الأول : أنا نحكم ببعض المحسوسات الظاهرة على البعض ، كما نحكم بأن هذا الأصفر هو هذا الحار ، أو هذا الحلو هو هذا المشموم ، وكل من الحواس الظاهرة لا يحضر عندها إلا نوع مدركاته ، فلا بد من قوة يحضر عندها جميع الانواع ، ليصح الحكم بينها.
الثاني : إن النائم أو المريض كالمبرسم ، يشاهد صورا جزئية لا تحقق لها في الخارج ، ولا في شيء من الحواس الظاهرة ، فلا بد من قوة بها المشاهدة.
الثالث : إنا نشاهد القطرة النازلة بسرعة خطا مستقيما ، والشعلة الجوالة بسرعة خطا مستديرا ، وما ذاك إلا لأن لنا قوة غير البصر ، يرتسم فيها صورة القطرة والشعلة ، ويبقى قليلا على وجه يتصل به الارتسامات البصرية المتتالية بعضها ببعض ، بحيث يشاهد خطا ، للقطع بأنه لا ارتسام في البصر عند زوال المقابلة ، ومنع ذلك على ما ذكره الإمام مكابرة ، وإلى هذا أشار في المتن ما ذكر من ضرورة
__________________
(١) في (ب) الآلة بدلا من (الآلية)
(٢) الإدراك : اللحوق. يقال : مشيت حتى أدركته ، وعشت حتى أدركت زمانه.
وأدركته ببصري ، أي رأيته.
وأدرك الغلام. وأدرك الثمر ، أي بلغ ، وربما قالوا : أدرك الدقيق بمعنى فني.
وتدارك القوم : أي تلاحقوا أي لحق آخرهم أولهم ، ومنه قوله تعالى : (حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها جَمِيعاً) والدريكة : الطريدة.
(٣) في (ب) فوجد بدلا من (وجه)