أنه لا يرتسم في البصر إلا المقابل ، أو ما هو في حكمه ، وأما قوله : ومبناه على أن صور المحسوسات لا ترتسم في النفس ، فإشارة الى جواب اعتراض آخر (١) ، وهو أنه لا يلزم من عدم كون الارتسام في الباصرة ، كونه في قوة أخرى (٢) جسمانية ، لجواز أن يكون في النفس ، وكذا الصور التي يشاهدها المريض والنائم (٣) ، وصور المحسوسات المحكوم فيها بالبعض على البعض كهذه الصفرة والحرارة وغيرها ، ألا ترى أنا نحكم بالكلي على الجزئي ، كحكمنا بأن هذه الصفرة لون ، وزيد إنسان ، مع القطع بأن مدرك الكلي هو النفس ، فإذا كان الحكم بين الشيئين مستلزما لحضورهما عند الحاكم (٤) ، كان الجزئي حاضرا عند النفس ، مرتسما فيها كالكلي ، فلا يثبت الحس المشترك ، وتقرير الجواب :
أنا معترفون بأن مدرك الكليات والجزئيات جميعا ، والحاكم بينها هو النفس ، لكن الصور الجزئية لا ترتسم فيها لما سيجيء (٥) ، بل في آلتها ، فلا بدّ في الحكم بين محسوسين من آلة مشتركة. وفيه نظر. لجواز أن يكون حضورهما عند النفس ، وحكمها بينها لارتسامهما في العين (٦) ، كما أن الحكم بين الكلي والجزئي ، يكون لارتسام الكلي في النفس ، والجزئي في الآلة ، فلا تثبت آلة مشتركة. غاية الأمر ، أنه لا يكفي الحواس الظاهرة ليصح الحكم حالتي الغيبة والحضور ، بل يكون (٧) لكل حسن ظاهر ، حسن باطن.
ومن اعتراضات الإمام : أنا نعلم قطعا ، أن الذوق. اعني إدراك المذوقات ، ليس بالدماغ ، كما أنه ليس بالعصب ، وكذا اللمس.
__________________
(١) سقط من (أ) لفظ (آخر)
(٢) سقط من (أ) لفظ (أخرى)
(٣) في (ب) والناس بدلا من (النائم) وهو تحريف.
(٤) سقط من (ب) جملة (عند الحاكم) :
(٥) سقط من (أ) كلمة (لما سيجيء)
(٦) في (أ) البين بدلا من (العين).
(٧) سقط من (أ) لفظ (يكون).