والجواب : أن المعلوم قطعا هو أن الدماغ ليس آلة للذوق أو اللمس ، أو لا على وجه الاختصاص ، وأما أنه لا مدخل له فيه ، فلا كيف ، والآفة في الدماغ ، توجب ، اختلاف الذوق واللمس بخلاف الآفة في العصب ، ومن هاهنا يقال إن ابتداء الذوق في اللسان ، وتمامه (١) في العصب (٢) الآتي إليه من الدماغ ، وكماله عند الحس المشترك ، وكذا في سائر الإحساسات.
[قال (منها الخيال) وهي التي تحفظ صور المحسوسات بعد غيبتها عن الحس المشترك ، ويدل عليها وجهان :
الأول : أن الحفظ غير القبول ، فلا بدّ له من مبدأ خاص ، واجتماعهما في الخيال يجوز أن يستند الى المادة والقوة ، وتنوع إدراكات الحس المشترك يستند إلى كثرة طرق التأدية ، كما أن إدراكات النفس (٣) وأفعالها يستند الى القوى.
الثاني : أن الصورة المرتسمة في الحس المشترك قد تزول لا بالكلية كما في النسيان ، بل مع إمكان الاستحضار بأدنى التفات وهو الذهول ، فلولا أنها مخزونة في قوة أخرى ، لكان الذهول نسيانا وكلاهما ضعيف].
__________________
(١) في (ب) وغايته بدلا من (وتمامه)
(٢) (العصبة) واحد الأعصاب وهي أطناب المفاصل ، وانعصب : اشتد ، والمعصوب : الشديد اكتناز اللحم ، والمعصوب في لغة هذيل الجائع.
وعصبة الرجل : بنوه وقرابته لأبيه وإنما سمو عصبة لأنهم عصبوا به أي أحاطوا به ، والعصبة من الرجال : ما بين العشرة الى الأربعين.
(٣) النفس : الروح يقال : خرجت نفسه. قال أبو خراش :
نجا سالم والنفس منه بشدقه |
|
ولم ينج إلا جفن سيف ومئزرا |
والنفس : الدم : يقال سالت نفسه وفي الحديث : ما ليس له نفس سائلة فإنه لا ينجس الماء إذا مات فيه.
والنفس أيضا الجسد. قال الشاعر :
نبئت أن بني سحيم أدخلوا |
|
أبياتهم تامور نفس المنذر |
والتامور : الدم.
والنفس : العين يقال أصابت فلانا نفس ونفسته بنفس إذا أصبته بعين.
والنافس : العائن. والنافس : الخامس من سهام الميسر ويقال هو الرابع.