الحس المشترك من جهتها ، لما بقي فرق بين الذهول والنسيان.
واعترض بأنه يجوز أن لا تكون محفوظة إلا في الحس المشترك ، ويكون الحضور والإدراك بالتفات النفس والذهول بعدمه.
وأجيب : بأنه لو كان كذلك لم يبق فرق بين المشاهدة والتخيل ، لأن كلا منهما حضور لصورة المحسوس في الحس المشترك من جهة الحواس بالتفات النفس ، ومعلوم أن تخيل المبصر ليس إبصارا ، ولا تخيل المذوق ذوقا ، وكذا البواقي ، بل المشاهدة ارتسام من جهة الحواس ، والتخيل من جهة الخيال ، وفيه نظر ، لجواز أن يكون الفرق عائدا إلى الحضور عند الحواس ، والغيبة عنها أو إلى الارتسام وضعفه ، ولا يكون الإدراك والحفظ إلا في قوة واحدة.
[قال (وأضعف منهما الابطال)
بامتناع ارتسام الكثير (١) في الصغير ، وازدحام الصور مع بقاء التمييز ، فإن ذلك ، إنما هو في الأعيان دون الصور].
احتج الإمام على إبطال الخيال ، بأن من طاف في العالم ، ورأى البلاد والأشخاص الغير المعدودة ، فلو انطبعت صورها في الروح الدماغي ، فإما أن يحصل جميع تلك الصور في محل واحد ، فيلزم الاختلاط وعدم التمايز ، وإما أن يكون لكل صورة محل ، فيلزم ارتسام صورة في غاية العظم (٢) في جزء في غاية الصغر.
والجواب : أنه قياس للصور على الأعيان وهو باطل. فإنه لا استحالة ، ولا استبعاد في توارد الصور على محل واحد مع تمايزها ، ولا في ارتسام صورة العظيم في المحل الصغير ، وإنما ذلك في الأعيان الحالة في محلها حلول العرض في الموضوع أو الجسم في المكان.
__________________
(١) في (ب) الكبير بدلا من (الكثير)
(٢) في (ب) الكبر بدلا من (العظم)