[قال (ومنها الوهم (١))
وهي التي تدرك بها المعاني الجزئية ، كالعداوة المعينة من زيد ، والمراد بالمعاني ما لا يمكن إدراكه بالحواس الظاهرة ، وبالصور خلافه ، فالمستند إلى الوهم فيما إذا رأينا شيئا فحكمنا بأنه عسل وحلو هو الحكم الجزئي لا الصفرة أو الحلاوة ، ويكون الكل حاضر عند النفس بمعونة الآلات].
هي القوة المدركة للمعاني الجزئية الموجودة في المحسوسات ، كالعداوة المعينة من زيد ، وقيد بذلك لأن مدركة العداوة الكلية من زيد ، هو النفس ، والمراد بالمعاني ما لا يدرك بالحواس الظاهرة ، فيقابل الصور. أعني ما يدرك بها ، فلا يحتاج إلى تقييد المعاني بغير المحسوسة ، فإدراك تلك المعاني دليل على وجود قوة بها إدراكها ، وكونها مما لم يتأد من الحواس ، دليل على مغايرتها للحس المشترك ، وكذا كونها جزئية دليل على مغايرتها للنفس الناطقة ، بناء على أنها لا تدرك الجزئيات بالذات ، هذا مع وجودها في الحيوانات العجم ، كإدراك الشاة معنى في الذئب ، بقي الكلام في أن القوة الواحدة لما جاز أن يكون آلة لإدراك أنواع المحسوسات ، لم لا يجوز أن تكون آلة لإدراك معانيها أيضا ، وأما إثبات ذلك ، بأنهم جعلوا من أحكام الوهم ما إذا رأينا شيئا أصفر ، فحكمنا بأنه عسل وحلو ، فيكون الوهم مدركا للصفرة والحلاوة والعسل جميعا ، ليصح الحكم وبأن مدرك عداوة الشخص مدرك له صرورة فضعيف ، لأن الحاكم حقيقة هو النفس ، فيكون المجموع من الصور والمعاني حاضرا عندها بواسطة الآلات كل منها بآلتها الخاصة ، ولا يلزم
__________________
(١) وهمت في الحساب أوهم وهما ، إذا غلطت فيه وسهوت ، وتوهمت أي ظننت ، وأوهمت غيري إيهاما. والتوهيم مثله.
وأوهمت الشيء إذا تركته كله. والوهم : الجمل الضخم الذلول قال ذو الرمة يصف ناقته :
كأنها جمل وهم وما بقيت |
|
إلا النحيزة والألواح والعصب |
والانثى وهمة.
والوهم أيضا الطريق الواسع قال لبيد يصف بعيره وبعير صاحبه
ثم أصدرناهما في وارد |
|
صادر وهم صواه قد مثل |
ويقال : لا وهم من كذا أي لا بد منه.