قلنا : كون المدرك هي النفس ، والقوى الجسمانية آلات لها مذهب جمع من المحققين. إلا أنه يشكل بوجود الإدراكات للحيوانات العجم ، وأما كون المدرك قوة واحدة جسمانية ، وهذه المحال آلات لها ، فمما لا سبيل إليه ، إذ لا يعقل آلية العضو لقوة جسمانية. لا تكون حالة فيه ، ولا يخفي صعوبة إثبات بعض المقدمات الموردة في المقامين. أعني (١) إثبات تعدد القوى ، وتعيين محالها. وقد يقال في تعيين محالها بطريق الحكمة ، والغاية (٢) أن الحس المشترك ينبغي أن يكون في مقدم الدماغ ، ليكون قريبا من الحواس الظاهرة ، فيكون التأدي إليه سهلا ، والخيال خلفه ، لأن خزانة الشيء ينبغي أن تكون كذلك. ثم ينبغي أن يكون الوهم بقرب (٣) الخيال ، لتكون الصور الجزئية بحذاء معانيها الجزئية ، والحافظة بعده ، لأنها خزانته ، والمتخيلة في الوسط لتكون قريبة من الصور والمعاني ، فيمكنها الأخذ منهما بسهولة.
[قال (وتردد ابن سينا)
في تعدد الوهمية والمتخيلة].
يشير إلى ما قال في الشفاء ، يشبه أن تكون القوة الوهمية هي نفسها (٤) المتذكرة ، والمتخيلة والمفكرة ، وهي نفسها الحاكمة ، فتكون بذاتها حاكمة ، وبحركاتها وأفعالها (٥) متخيلة ومتذكرة ، فتكون متفكرة ، بما تعمل (٦) في الصور والمعاني ، ومتذكرة بما ينتهي إليه عملها ، وله تردد أيضا ، في أن الحافظة مع المتذكرة. أعني المسترجعة لما غاب عن الحفظ من مخزونات الوهم قوتان أم قوة واحدة.
__________________
(١) في (ب) وهو بدلا من (أعني)
(٢) سقط من (أ) لفظ (الغاية)
(٣) في (ب) تقريب بدلا من (بقرب)
(٤) في (ب) بعينها بدلا من (نفسها)
(٥) في (أ) وأقوالها بدلا من (وأفعالها)
(٦) في (أ) تعجل بدلا من (تعمل)