أعني. تعقل (١) الكليات ، فإنها ليست دائمة ، بل قد تكون بالقوة ، وأما عند من يرى أن لكل كرة نفسا ، وأنها ليست من الأجسام الآلية ، فلا حاجة إلى هذا القيد ، ولهذا لم يذكره الأكثرون. وذهب أبو البركات إلى أنه إنما يذكر عوض قولهم : آلي فيقال : كمال أول طبيعي لجسم ذي حياة بالقوة. وعبارة القدماء : كمال أول طبيعي لجسم آلي ، واحترز بطبيعي عن الكمالات الصناعية ، كالتشكيلات الحاصلة بفعل الإنسان.
ثم قال : وقد يقال كمال أول لجسم طبيعي آلي بتأخير طبيعي ، وهو إما غلط في النقل ، وإما مقصود به المعنى الذي ذكرنا. فظهر أن ما يقال من أن بعضهم رفع طبيعي صفة لكمال ، ليس معناه أنه يرفع مع التأخير صفة لكمال ، ويخفض بعده آلي صفة لجسم ، فإنه في غاية القبح ، وكذا لو رفع حينئذ (٢) آلي أيضا ، صفة لكمال مع ذكر ذي (٣) حياة صفة لجسم ، بل معناه أنه يقدم فيرفع على ما قال الإمام : أن بعضهم جعل الطبيعي صفة للكمال فقال : كمال أول طبيعي لجسم أول (٤) آلي.
فإن قيل : فعلى ما ذكر من أن قيد ذي حياة بالقوة لإخراج النفس السماوية يكون قولنا : كمال أول لجسم طبيعي آلي معنى شاملا للأرضية والسماوية صالحا لتعريفهما به. وقد صرحوا بأن إطلاق النفس عليهما بمحض اشتراك اللفظ. إذ الاولى باعتبار أفعال مختلفة ، والثانية باعتبار فعل مستمر على نهج واحد ، وأنه لا يتناولهما رسم واحد ، إذ لو اقتصر على مبدئية فعل (٥) ، ما دخلت صور البسائط والعنصريات ، وإن اشترط القصد والإرادة خرجت النفس النباتية. وإن اعتبر اختلاف الأفعال خرجت الفلكية.
قلنا : مبني هذا التصريح على المذهب الصحيح. وهو أن لكل فلك نفسا
__________________
(١) في (ب) تعلق بدلا من (تعقل)
(٢) سقط من (أ) حرف (حينئذ)
(٣) سقط من (أ) حرف (ذي)
(٤) سقط من (أ) لفظ (أول)
(٥) سقط من (ب) لفظ (فعل)