متجانسة ، إلا أن النصوص شهدت بأن للإنسان روحا (١) وراء هذا الهيكل المحسوس ، الدائم التبدل والتحلل ، وكادت الضرورة تقتضي بذلك ، ولو بأدنى بنية ، وهو المراد بالنفس الإنسانية ، والمعتمد من آراء المتكلمين.
إنها جسم لطف سار في البدن لا يتبدل ولا يتحلل ، أو الأجزاء الأصلية الباقية ، التي لا تقوم الحياة بأقل منها ، وكأنه المراد بالهيكل المحسوس ، والبنية المحسوسة : أي من شأنها أن تحس ، ومن آراء الفلاسفة وكثير من المسلمين ، أنها جوهر مجرد متصرف في البدن ، متعلق أولا بروح قلبي ، يسري في البدن ، فيفيض على الأعضاء قواها لنا وجوه :
الأول : إنا نحكم بالكلي على الجزئي ، فيلزم أن ندركهما ، ومدرك الجزئي منه هو الجسم ، ليس إلا كما في سائر الحيوانات.
الثاني : أن كل أحد يقطع بأن المشار إليه بأنا حاضر هناك وقائم وقاعد ، وما ذلك إلا الجسم.
الثالث : لو كانت مجردة لكانت نسبتها إلى الأبدان على السواء ، فجاز أن ينتقل فلا يكون زيد الآن ، هو الذي كان ، والكل ضعيف.
الرابع : ظواهر النصوص ، ولا تفيد القطع ، وأما الاستدلال ، بأنه لا دليل على تجردها ، فيجب نفيه ، فمع ضعفه معارض ، بأنه لا دليل على تحيزها فيجب نفيه.
يعني لما لم يثبت عند المتكلمين اختلاف أنواع الأجسام ، واستناد الآثار
__________________
(١) قال الإمام أحمد في مسنده حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش ، عن زيد بن وهب ، عن عبد الله ـ هو ابن مسعود ـ رضي الله عنه. قال حدثنا رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وهو الصادق المصدوق «إن أحدكم ليجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما ، ثم يكون علقة مثل ذلك ، ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات. رزقه وأجله وعمله ، وهل هو شقي أو سعيد فو الذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيختم له بعمل أهل النار فيدخلها ، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيختم له بعمل أهل الجنة فيدخلها». أخرجاه من حديث سليمان بن مهران الأعمش.