إليها ، ليحتاج إلى فصول منوعة ، ومبادي مختلفة ، بنوا إثبات النفس على الأدلة السمعية ، والتنبيهات العقلية ، مثل. إن البدن وأعضاءه الظاهرة والباطنة دائما في التبدل والتحلل (١) ، والنفس بحالها ، وأن الإنسان الصحيح العقل ، قد يغفل عن البدن وأجزائه ، ولا يغفل بحال عن وجود وجدانه (٢) ذاته ، وأنه قد يريد ما يمانعه البدن مثل الحركة إلى العلو. وبالجملة. قد اختلفت كلمة الفريقين في حقيقة النفس ، فقيل هي النار السارية في الهيكل المحسوس ، وقيل هي (٣) الهواء ، وقيل الماء ، وقيل العناصر الأربعة ، والمحبة والغلبة ، أي الشهوة والغضب ، وقيل الأخلاط الأربعة ، وقيل نفس كل شخص مزاجه الخاص ، وقيل جزء لا يتجزأ في القلب.
وكثير من المتكلمين على أنها الأجزاء الأصلية الباقية من أول العمر إلى آخره ، وكان هذا مراد من قال : هي هذا الهيكل المحسوس ، والبنية المحسوسة. أي التي من شأنها أن يحس بها.
وجمهورهم على أنها جسم مخالف بالماهية للجسم الذي يتولد منه الأعضاء نوراني علوي خفيف حي لذاته ، نافذ من جواهر الأعضاء ، سار فيها سريان ماء الورد في الورد ، والنار في الفحم ، لا يتطرق إليه تبدل ولا انحلال ، بقاؤه في الأعضاء حياة ، وانتقاله عنها إلى عالم الأرواح موت ، وقيل إنها أجسام لطيفة متكونة في القلب ، سارية في الأعضاء من طريق الشرايين أي العروق الضاربة ، أو متكونة في الدماغ ، نافذة في الأعصاب النابتة منه إلى جملة البدن ، واختيار المحققين من الفلاسفة ، وأهل الإسلام ، أنها جوهر مجرد في ذاته ، متعلق بالبدن تعلق التدبير والتصرف ، ومتعلقه أولا هو ما ذكره المتكلمون من الروح القلبي المتكون في جوفه الأيسر من بخار الغذاء ولطيفه ، ويفيده قوة بها تسري في جميع
__________________
(١) وهذا ما أشار إليه العلم الحديث أن الجسم عبارة عن مجموعات من الخلايا وأن هذه الخلايا تموت ويتجدد غيرها في داخل الجسم وهكذا.
(٢) سقط من (أ) لفظ (وجدانه).
(٣) سقط من (أ) لفظ (هي).