والمجرد لا يصلح محلا لذلك ، فتعين الآلة الجسمانية. ولا يخفي. أنا إذا جعلنا القوى الجسمانية آلات للأحاسيس ، وإدراك الجزئية ، والمدرك هو النفس على ما صرح به المتأخرون من الحكماء ، ارتفع نظام نزاع الفريقين ، وظهر الجواب عن أدلتهم ، إلا أنه يرد(١) إشكالات.
الأول : أن غير الإنسان (٢) من الحيوانات يدرك المحسوسات ، فلو كان المدرك هو النفس المجردة كما في الانسان لما صح ذلك إذ ليست لها نفوس ناطقة وفاقا (٣).
والجواب : أنه لو سلم ذلك يجوز أن يكون المدرك فيها هي القوى الجسمانية ، وفينا النفس بواسطة القوى ، وهذا معنى قولنا الاشتراك في اللوازم ، وهي الإحساسات ، لا يوجب الاشتراك في الملزوم وهو النفس المجردة.
الثاني : أنه لو كان إدراك النفس للجزئيات بمعونة الآلات لما أدركت النفس هويتها ، لامتناع توسط الآلة في ذلك واللازم باطل بالضرورة والاتفاق (٤).
والجواب : أن المفتقر إلى توسط الآلة ، إدراك الجزئيات التي يمتنع ارتسام صورها في النفس المجردة ، وأما ما لا يفتقر إدراكها إلى ارتسام صورة كإدراك النفس ذاتها فلا تفتقر إلى توسط آلة. (ولو توقف تصور الآلة على آلة أخرى تسلسلت الآلات) (٥).
الثالث : أنها عند تعلقها بالبدن تتصوره بعينه إذ لا يكفي في ذلك تصور بدن كلي ، لأن نسبته إلى الكل على السواء ، وكانت قبل استعمال الآلات مدركة للجزئيات.
__________________
(١) في (أ) بزيادة (على ذلك).
(٢) سقط من (ب) جملة (غير الإنسان).
(٣) في (أ) باتفاق بدلا من (وفاقا).
(٤) في (أ) بزيادة (والاتفاق).
(٥) ما بين القوسين سقط من (أ).